المدينة هنا المقصود بها المدينة المكان، وقد ورد ذكرها في كتاب الله مراراً، وإذا قيل المدينة فهي علم إسلامي حضاري عريق له مكانته العليّة ومنزلته السنيّة في العالم أجمع. وقد اختيرت عاصمة للثقافة الإسلامية من قبل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة لهذا العام (1434ه - 2013م)، وشهدت مساء الثلاثاء الماضي حدثاً تاريخياً تمثل في تدشين فعالياتها من قبل سمو ولي العهد الأمين وسط حضور مهيب من رجالات الفكر والثقافة. ولست بصدد سرد مكانة المدينة، وليس المجال مجال تفصيل لما ورد في فضلها فهي أسمى من أن تُعرّف، ولكني سأذكر شيئا من التطلعات التي نأمل أن تواكب هذا الحدث الهام على المستوى العالمي والمحلي، ومن ذلك: - يفترض أن يشعر الزائر للمدينة بتغيير ملحوظ؛ فهو يزور عاصمة الثقافة الإسلامية، والواقع أن القائمين على المناسبة قد نفّذوا إعلانات انتشرت في أرجاء المدينة، ولكننا في عصر التقانة ، وكم كان يتمنى الجميع نشر شاشات التلفزة في أماكن متعددة ليتسنى للجميع متابعة الفعاليات. - لازالت بعض المظاهر باقية ومنتشرة، على الرغم من أن الصحافة قد أشبعتها طرحا، ومن ذلك الباعة المتجوّلون حول المسجد النبوي الشريف، فهم منتشرون ليبيعوا سلعا مقلدة وبضائع مغشوشة، يُغلقون الطرقات ويُضايقون المارة، في منظر أحسب أنه بعيد كل البعد عن التحضر والمدنية الحديثة! - التغيير الملموس على أرض الواقع يفترض أن يكون حاضراً، فمثلاً يفترض أن تعم الأنوار الشوارع، كما يحدث في أيَّام العيد، وأن تتوفر نشرة الفعاليات في كافة الأماكن العامة، حتى يعلم المواطن والمقيم والزائر بالفعاليات وأماكنها ووقتها. - فيما يتعلق بالفعاليات فقد جاءت متنوعة، وستقام في أكثر من موقع نظراً لازدحامها (400 فعالية) ولعدم وجود مركز حضاري، والقناة الثقافية ستتكفل بنقلها، والمرجو أن تنقلها قنوات العالم الإسلامي أجمع، فطيبة التي شع منها النور وستظل كذلك أبد الآباد. - يحمد للقائمين على المناسبة تفعيل العنصر النسائي، وقد حضرن حفل التدشين، وتنتظر فتيات طيبة الإفادة منهن، فالحضور النسائي لا يحصل بشكل دائم، وهذه فرصة مواتية ليستفدن من المفكرات والمثقفات والأديبات المدعوات لهذه المناسبة. - هذه المناسبة كشفت كثيراً من الأمور التي تتطلبها العصرنة، وتحتاجها المدينةالمنورة؛ فالمركز الحضاري وتكثيف شاشات العرض والمجسمات الجمالية والميادين العامة والحدائق، كلها يفترض إعادة تقييمها، وإيجاد المفقود منها (المركز الحضاري والمجسمات الجمالية والميادين العامة) وتحسين وتكثيف القائم (الحدائق وشاشات العرض). إنها لفرصة مواتية أن تنعكس هذه المناسبة إيجاباً على المدينة وأهلها وزائريها، وهم الشغل الشاغل لولي أمر هذه البلاد كما ذكر سمو ولي العهد في حفل التدشين، وأنظار العالم الإسلامي تتجه لهذه البقعة المباركة وعلى مدى عام كامل، لتصبح المدينة نموذجية يقتدي بها العالم حضاريا ويحذو حذوها ويقتفي أثرها منهاجا تنمويا، ولا يمكن أن يتأتى ذلك إلا بإكمال النواقص وإيجاد كل ما من شأنه إيصال رسالة عاصمة الثقافة الإسلامية للعالم بيسر وسهولة متخذة من الإعلام وسيلة ومن القيم سبيلا. هكذا هي الثقافة الإسلامية، عادت الثقافة إلى مهدها فلتهنأ بذلك، وليتطلع محبوها للمزيد، وإن غداً لناظره قريب. [email protected]