أثار إصرار جبهة الإنقاذ في مصر على رفض الحوار الذي دعا إليه الرئيس محمد مرسي علامات استفهام، حول أهداف»الإنقاذ» خاصة ما اعتبره بعضهم تصعيدًا من مواقفها خلال الفترة الأخيرة، وصل حد المطالبة بإسقاط النظام، وطرح نفسها بديلًا عنه من خلال دعوتها لانتخابات رئاسية مبكرة، بينما يرى البعض الآخر «رفض الحوار» بين كافة القوى السياسية للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد حاليًا بأنه نتيجة لحالة عدم الثقة بين النظام ومعارضيه، لغياب الرؤية حول آليات وأهداف الحوار. وتهدد «جبهة الإنقاذ»بالاستمرار في النزول إلى الشارع، حتى تحقق أهداف الثورة، وأنها سوف ترفع من سقف مطالبها للتوافق مع مطالب الثوار في الشارع، والذي سيظل المرجعية الوحيدة لها. يقول الدكتور أبو العز الحريري القيادي بالتحالف الشعبي وعضو الجمعية الوطنية للتغير إن دعوة الرئاسة للحوار جاءت من دون إعداد أو جدول أعمال أو أهداف مرجوة من الحوار، وبالتالي فإن الفشل سيكون هو «سيد» هذا الاجتماع، ويتم «تعليق» هذا الفشل بعد ذلك على كافة القوى السياسية، وتتهم بأنها وراء إشعال المزيد من الحرائق والفتن داخل البلاد، منوهًا أن كافة القوى السياسية لها مطالب شعبية، منها إقالة الحكومة الحالية خاصة وزير الداخلية الذي يتجه إلى «أخونة» الدولة عكس الوزير السابق، بالإضافة إلى إخضاع جماعة الإخوان المسلمين إلى سلطة القانون. وأضاف»أبو العز» أن سلطة الحكم الحالية في مصر لا ترغب في جدية الحوار، وأنها تسعى إلى استدراج قوى المعارضة كلما تأزمت الأمور أمامها بعد فشلها في إدارة البلاد إلى حوار غير مجدٍ وغير محدد الأجندة، وأن ما يحدث في عدة محافظات بالجمهورية من رفض شعبي يؤكد فشل الرئيس في الاستجابة وإرضاء مطالب الجماهير في الشارع، مطالبًا الرئيس بتنفيذ مطالب الشعب، وأن يطمئن الجميع إليه، وإلا فعليه الرحيل قبل انهيار البلاد، موضحًا أن»مرسي» يدعو البعض ويغفل عن الآخر وبالتالي لا جدوى من الحوار، طالما أنه لا يضع كافة القوى السياسية في الاعتبار، مشيرًا إلي أن المعركة مستمرة حتى تحقيق أهداف الثورة، والقصاص لدماء الشهداء، وأن الجميع سوف يناضل من أجل مستقبل أفضل لمصر. وانتقد مجدي حمدان القيادي بحزب الجبهة الديمقراطية وعضو جبهة الإنقاذ دعوة الحوار، وقال إنها لن تأتي بجديد لأنها ليست الدعوة الأولى، حيث لم يتم طرح أجندة أو محددات للحوار، وأن الحوار لن يغير من الأمر الواقع، مؤكدًا أن الرئيس»مرسي» يتبع سياسة غير ملائمة للشعب المصري الذي رفض الظلم من قبل وقاوم حتى نال حريته، وقال لن نتحاور مع الرئيس مرسي قبل تحقيق المطالب،لأن الشباب أهينوا في ثورتهم، معتبرًا أن «على الرئيس أن يبدأ الحوار وأن يسقط مطالب القوى الثورية»، مشددًا في الوقت ذاته على أن «هدفنا ليس المس بهيبة الرئيس فهو إنسان يصيب ويخطئ»موضحًا أن الثورة لم تقم للمطالبة بتطبيق الشريعة والحدود والهوية، بل للمطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم، واصفًا جلسة الحوار التي تمت بين الرئيس وبعض القوى السياسية ب»المسرحية». ورفض «حمدان» ما يتردد من قبل البعض أن رفض جبهة الإنقاذ للحوار سيؤدي إلى إشعال الفتن، نافيًا ذلك، وقال إن ما يردد ذلك هم جماعة «التيار الإسلامي السياسي» فنحن كقوى سياسية ارتضينا بنتائج الصندوق، وأن «مرسي» رئيس شرعي للبلاد، ولكن يجب عليه ألا يميز فصيل عن آخر أو كتلة عن أخرى كما هو موجود حاليًا على الساحة، ونحن نعمل جميعًا على النهوض بمستقبل مصر والأجيال القادمة، ونريد أن نؤسس دولة ديمقراطية السيادة فيها للشعب فقط. وقال كمال خليل وكيل مؤسسي حزب العمال الديمقراطي: إن فقدان الثقة بين الرئيس والمعارضة يعد دافعًا لرفض مثل تلك الدعوات، منوهًا أن دائرة العنف التي تشهدها البلاد حاليًا سببها الأخطاء التي ارتكبت منذ وصول «جماعة الإخوان» إلى الحكم، حيث تجاهلت بسبب عدم خبرتها السياسية بمطالب الشباب السلمية، مما أدى إلى تراكم الغضب وانفجاره، حتى وصل الأمر إلى تشكيل حركات عنيفة مثل حركة «بلاك بلوى»محذرًا من خطورة استمرار تلك الحركات، التي قد تؤدى بعودة البلاد إلى مرحلة الصفر، ولكن بشكل أسوأ من قبل، وقد يصل الأمر إلى عودة المجلس العسكري للحكم مرة أخرى. وأضاف»خليل» أن الحوار الذي دعا له الرئيس مرسي مجرد استهلاك للوقت، مؤكدًا أن الرئيس لو كان جادًا كان عليه تكليف شخصية مستقلة مقبولة من الجميع بتشكيل حكومة إنقاذ وتصالح لها كافة السلطات، وأضاف أن دعوات الحوار هي محاولة منهم للخروج من الأزمة الحالية التي سوف تعصف بالكرسي الرئاسي الذي يجلس عليه الرئيس مرسي. من جانبه أكد الدكتور أحمد جمال الدين نائب رئيس حزب مصر: أن الوصول لحلول مقترحة يستوجب أولًا التأكيد على مجموعة من المبادئ الأساسية لتشكيل أرضية توافق والتقاء بين جميع القوى السياسية في تلك المرحلة وهي ضرورة وجود دستور توافقي للبلاد، واحترام القضاء واستقلاليته وسيادة دولة القانون والدستور، ونبذ العنف والتخريب وإدانته من كافة القوي السياسية والدعوة للحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة والمنشآت السياحية والتراث الوطني والآثار المصرية، بالإضافة إلى استمرار الحوار الوطني المتوازن بين القيادة السياسية ومختلف القوى الوطنية، وضرورة انطلاق مسيرة الإنتاج والتنمية لتجنب حدوث انهيار اقتصادي أصبح وشيكًا، والمحافظة علي مكتسبات الثورة واستكمال عملية التحول الديمقراطي. وأضاف د.جمال إن حزب مصر يؤمن أن الشعب المصري قادر على الخروج من الأزمة الحالية في ترابط ووفاق، لأننا ندرك أن أمانة الوطن التي في أعناقنا جميعًا أكبر من أي اختلاف أو مكاسب أحادية الجانب، وأن مستقبل الوطن مرهون بإرادة ومسؤولية الجميع وليس فصيل أو حزب بعينه.