أثار حديثي الأسبوع الماضي عن الشراكة المجتمعية تعليقات بعض المهتمين، وظن بعضهم أني أقصد وأرغب في أن « تَحلب « الجامعات - كما قال أحدهم - كبار مُتخمي القطاع الخاص وأثرياء المجتمع!! ما قصدت هذا أبداً، بل في الحقيقة أن الشراكات تقوم بين الجامعات والقطاع العام مثل ما هي مع القطاع الخاص , ويهمني أن أوضح أن الشراكة المجتمعية أساسها التساوي والتكامل وتبادل المنافع بين الشركاء. في جمادى الآخر من العام 1429ه , وقَّع وزيرا التعليم العالي والصحة اتفاقية للتعاون بين الوزارتين، جاء من ضمن بنودها : « التدريب الصحي لتأهيل المستشفيات التعليمية ، وتوفير التدريب في التخصصات الصحية لمرحلة البكالوريوس وفترة الامتياز والدراسات العليا للأطباء، ودعم البحث العلمي في المجالات الصحية المختلفة». من الناحية النظرية كانت الاتفاقية مُتميّزة و تعكس روح التعاون، وتجسد مفهوم الشراكة المجتمعية. لكن على أرض الواقع كم بلغت نسبة ما تم تفعيله من هذه الاتفاقية ؟ أظن بل أجزم أن ما نُفّذ منها لايمثل طموحات قيادات الوزارتين ولا تمنّيات المستفيدين من هذه الشراكة. قد يقول قائل: مهلاً, التعليم العالي يعمل جاهداً لإنشاء « مستشفى جامعي بجوار كل كلية طب «, وعليه فماهي إلا بضع سنين وسوف تستغني كليات طب التعليم العالي عن مؤسسات وزارة الصحة العلاجية .! مثل هذا القول والتفكير مردود ومرفوض تماماً , فمهما أنشأ التعليم العالي من مستشفيات جامعية فسيظل بحاجة للاستفادة من مستشفيات الصحة التعليمية، وذلك لأن لكل منهما دوراً لايقوم به الآخر. لكن يبقى السؤال الملحّ هل مستشفيات وزارة الصحة - بأوضاعها الحالية - تعليمية بالمعنى الحقيقي؟ . يفترض الكثيرون أن تقدم وزارة الصحة خدمات علاجية بحتة, وهذا صحيح ولكن هل هذا هو كل دورها؟ مستشفيات الصحة كما أراها ويراها الكثيرون، وكما يجب أن تكون - هي مراكز للتثقيف الصحي والتعليم والبحث العلمي الطبي والصحي بامتياز، هذا المفهوم ربما تمّ إهماله - أو بعضا منه - في السنوات التي مضت، وقد يكون أحد الأسباب في ذلك ضعف الشراكة بين وزارتي الصحة والتعليم العالي. مما يُستغرب له أن وزارتي الصحة والتعليم العالي، ومنذ توقيع الإتفاقية، لم تتحاورا ولم تكن هنالك متابعة أو تقييم لما أتفق عليه الوزيران، برغم أن معظم طلاب وطالبات الكليات الصحية سيعملون في مستشفيات وزارة الصحة بعد تخرجهم. أظن أن قيادات الطرفين لو التقوا , لبحثوا - من ضمن مايبحثون - في مدى ملاءمة مايتم تدريسه في كليات الطب والصيدلة والتمريض وغيرها لما تتوقعه و تحتاجه وزارة الصحة من قدرات مهنية ومهارات طبية في طلاب وطالبات تلك الكليات, لكن للأسف لم يحدث ذلك بعد ! إن الشراكة بين التعليم العالي ممثلا في كُليّاته الصحية ووزارة الصحة ليست خياراً ولا ترفاً أبداً, بل إنها حاجة مُلحّة و ضرورة ماسّة وعامل أساسي لنجاح كلتا الوزارتين في أداء مهامهما. لكل ما تقدم , فإني أدعو لإنشاء مجلس أعلى للتنسيق بين وزارتي التعليم العالي والصحة، تكون مهمّتُه الأساسية العمل على تفعيل مفهوم الشراكة بينهما بكل الوسائل والطرق وتذليل كل الصعوبات لتحقيق ذلك على أرض الواقع. . وبالله التوفيق. وكيل جامعة الطائف للتطوير والجودة