شيء ما يحرك هذا العالم في مصير واحد، فهناك توافقات دولية كلية في قضايا محورية ومصيرية، إلا جيوب من المقاومة -قليلة مبعثرة شرقًا وغربًا- مختلفة الدرجة والخطر على هذا المشروع العولمي، الذي هو الاسم الفعلي لهذه العملية الأممية العالمية، ولم ينشأ عن محض مصادفة وعفو؛ إذ ترى أفواج الرسل العولمية تجري هنا وهناك تحمل معها "فرمانًا" و"مرسومًا" من الأممالمتحدة وهيئاتها التابعة، يقضي بفرض هذا المصير الواحد، والجبر على ذلك التوافق الكلي، بكل الطرق: السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والحربية لو لزم. إذا أخذنا المرأة أنموذجًا يصدق ما يقال عن "حكومة عالمية خفية"، انكشف لنا شيء وراء هذا التغير الجذري في وضعها المتوارث والقائم منذ قرون، فمن: الحشمة، والعفة، والزواج، والأمومة، والقيام بوظيفة المنزل. إلى: التعري، والانحلال، والعنوسة، والخروج والاختلاط في التعليم والعمل. انقلاب كلي وفق برنامج منظم مكتوب ومعلن في اتفاقيات المرأة، برعاية كاملة من الهيئة الدولية، وبإشراف مباشر من الأمين العام، وبشعارات آمن بها كثيرون، على رأسها: "منع التمييز ضد المرأة" (=السيداو). والمطلوب: المساواة المطلقة بالرجل. شعوب كثيرة انخرطت في برنامج التغيير هذا، بإنهاء التمييز بغير عنت، ولا قرارات تفرض عليها؛ إذ كانت خلوًا من المبادئ الخلقية والقيمية، فكثير منها أمم بدائية وثنية، أو ذات ديانات وضعية، ليس لديها عنصر المقاومة، فهي تعيش على العادات والتقاليد غير الممتنعة على التغيير، وهذا ما نراه في أطراف هذا العالم، من توحد في وضع المرأة، المتجلي في: التعري، والاختلاط، والإباحية الجنسية. وقد سرت العدوى إلى الدول الإسلامية منذ قرن، بعد تطويقها بالغزو الفكري وبالعناصر الموالية والموضوعة في السلطة، فرجعت المرأة إلى التراث الجاهلي الوثني (=تبرج الجاهلية الأولى)، فلا يُعرف إسلامها إلا بإقرارها فحسب، واختفى دليل مميز لإسلامية الدولة (=الحجاب). هكذا تغيرت ثقافة المرأة في دول العالم كافة، لكن بقيت منها بقية لا تزال تستعصي، تحتفظ بالعلامة المميزة، على أن البلاد الإسلامية -على ما فيها- لا تزال دون تحقيق خطة العولمة بكامل بنودها، والتي على رأسها: نقض الأسرة نقضًا مبرمًا. لهدف معلوم لا يخفى؛ لأجل هذا بدأت القوى المتنفذة في هذا العالم، ب: تحريك الهيئات الدولية المختلفة لفرض قرارها العولمي، وجندت رؤساء دول ك: الولاياتالمتحدة، وبريطانيا، وفرنسا في مهام تختلط فيها السياسة بشؤون المرأة على جهة الوصاية والإملاء. ففي السابق قامت الجيوش الأوربية المستعمرة بهذه المهمة، فكانت لها مهام ثلاثة: نهب الثروة، إلغاء الشريعة، تحرير المرأة. واليوم لا استعمار صريح، فالبديل لاستكمال خطة عولمة المرأة تلك الوسائل الآنفة الضاغطة بقوة: السياسة، والاقتصاد، وحقوق الإنسان، وتحريك الجيوش بدعوى محاربة الإرهاب، وبتحريك فئات تمحورت حول الهدف العولمي بعلم أو بجهل. أليس من العجيب أن يناقش سياسيون وضع المرأة أثناء زياراتهم دولا، وأي علاقة لهم بهذا، إلا أن يكونوا أطرافا في دولاب العولمة ؟!. أليس لافتا أن تعنى جيوش النيتو في أفغانستان بحقوق المرأة فتطبقها واقعا وتمر بها أشواطا، فأما "الإعمار" فلا تسأل عنه ؟!!.