هلا بالخير

أَبشِر بِالخَيْرِ أيها المُواطِن، فَوزَارةُ الإِسكانِ قد خَرجتْ عن صَمتِها الذي أصابنا بِالهَوَاجس والقَلقِ، خاصةً ونحنُ نَرَى مُؤشِّرَ إِيجَاراتِ السَّكَنِ قد أُصِيبَ بِالهَوَسِ، فلا يَكادُ يَتوقفُ عنِ الارتِفاعِ، وقلوبُ المواطنينَ تَنتفِضُ مِنَ الفَزَعِ، فَكَانَتْ تَترَقَّبُ كَلِمَةً مِنَ وَزَارَةِ الإِسكَانِ تُوقِفُ ذلك التَّصَاعُدَ المَجنُونَ، وَإِنجازًا يُرِيحُ تلك القلوبَ المَكلُومَةَ مِنْ عَناءِ التَّفكِيرِ فِي هَمِّ الإيجَارَاتِ التِي بَاتَتْ تَختَطِفُهُ مِنْ لُقمَةِ أَبنَائِها.
لَكنِ الحَمدُ للهِ (فَكُلُّ تَأخِيرَةٍ فِيهَا خِيْرَةٌ)، لَقَدْ سَكَتَتْ وَزَارَةُ الِإسْكَانِ، ثُمَّ قالتْ خَيرًا هَذَا مَا سَمِعتُهُ بِأُذُنِي مِنْ وَزِيرِ الإِسْكَانِ (شويش الضويحي)، فِي إِحْدَى حَلقاتِ بَرنَامِجِ الثَّامِنَةِ لِدَاودَ الشِّرِيَّان.
لَقدْ عَذَرْتُهُ عَلَى سُكُوتِهِ طالما أنَّهُ سُكُوتٌ يَعقبهُ خَيرٌ عَمِيمٌ، فَهوَ لم يُرِدْ أَنْ يَخرُجَ لِلإِعلامِ، وَيُكثِرَ مِنَ الكَلامِ، وَيُنْظمَ الوعُودَ، وَيُبَهرِجَ مِنْ وَزَارَتهِ الوَليدَةِ، وَيُفَخِّمَ أَعمالَهُ وَالعَين لمْ تَرهَا بَعدُ. الَّذي فَهِمتُهُ مِنْ شَخصِيَّةِ الرَّجُلِ أَنَّهُ لا يُرِيدُ الإِسرَافَ في الوعُودِ قَبلَ أَنْ يَمتَلِكَ نَاصِيَةَ الإِنجَازِ، وَهَذَا هُوَ دَافِعُ إِعجَابِي بِهَذِهِ الشَّخصِيَّةِ الدِّينَامِيكيَّةِ، لِأَنَّنِي أُؤمِنُ إِيمَانًا جَازِمًا أَنَّ مَنْ كَثُرَ كَلامُهُ قَلَّتْ أَعْمَالُهُ. فَقَدْ سَئِمنَا مِنَ الكَلامِ المُنَمَّقِ، وَالوعُودِ غَير المُنفَّذة التِي يُصرِّح بِهَا بَعْضُ المَسؤولين، فَكمْ سَمِعنَا جَعْجَعةً وَلَمْ نَرَ طَحْنًا!. لَكِنْ إِنْجَازَاتِ وَزارةِ الإِسكانِ قَدْ قَلَبَتْ هَذَا المَفْهُومَ فَرَأينَا الطَّحنَ وَلَمْ نَسمَعْ جَعْجَعَةً.
كَانَ يَتَحَدّثُ بِمَنطِقِ الوَاثِقِ مِنْ كَلامِهِ، لِأنَّهُ لَا يَتكلَّمُ إِلاَّ بِلُغَةِ الدِّرَاساتِ العِلمِيَّةِ، وَالاسْتِعَانَةِ بِالخِبرَاتِ المُتعَدِّدَةِ المَشَارِبِ.
كَانَ الرَّجُلُ يُرَكِّزُ عَلَى عِدَّةِ نِقَاطٍ مُهِمَّةٍ هِيَ: الجَودَةُ مَعْ سُرعَةِ الإِنجَازِ، وَالسَّعِيُ الجَادِّ في إِيصَالِ الدَّعْمِ لِمُستَحِقيهِ، وَالعَزمُ عَلَى بِنَاءِ نِظَامٍ إِسْكَانِي مُنَظَّمٍ.
وَلنَكُنْ مُنصِفِينَ، فَهذهِ الوَزَارةُ مَازَالتْ وَليْدةَ، وَلكِنْ مَا سَمِعتهُ مِنْ فَمِ الوَزِيرِ مِنْ إِنْجَازَاتٍ سَمِعنَاهَا بِالأذنِ وَرَأينَاهَا بِالعَينِ، يُؤَكِّدُ أَنَّ الوَلِيدَ كَانَ عَبقَرِيًّا عِملاقاً. فَفِي غُضُونِ سَنَةٍ تَقرِيبًا أَوْ أَقَل وَعَدَ بِتسليمِ مُعظَمِ المَسَاكِنِ لِمُستَحِقيهَا.
هَذا المَقَالُ لَيسَ مَدحًا، إِذْ عَلينَا كَأصْحَابِ قَلَمٍ مَسؤُولٍ أَنْ نَقُولَ لِلمُحسِنِ أَحسَنتَ، كَمَا نَقُولُ لِلمُسيءِ أَسَأتَ، وَمَعْ هَذا أَرجُو ألاَّ أَكُونَ مِنْ شِدَّةِ فَرحَتِي بِرُؤيَةِ أَي بَصِيصِ أَمَلٍ لِحَلِّ أَزْمَةِ الإِسْكَانِ قَد حَلَّقْتُ بَعِيدًا عَنِ الوَاقِعِ. لَكِنِّي سَأحتَفِظُ بِهَذَا الَمقَالِ لِأُعِيدَ تَقييمَ رُؤيَتِي بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ تَارِيخِهِ، وَإِنِّي لَأَرجُو أَنْ يَكُونَ مَا سَمِعَتْهُ أُذُنِي صَادِقًا، وَحَدَسِي فِي الوَزِيرِ مُوَفَّقًا، فَالأَيَّامُ حُبْلَى بِالخَبَرِ اليَقِينِ.
d.najah-1375@hotmail.com