بينت الدراسات المختصة في أوروبا أن القارة العجوز بحاجة الى أكثر من مليون مهاجر أجنبي سنوياً من أجل خلق توازن بين الشباب وبين الكهول بعد أن أظهرت الإحصاءات أن 40 في المائة من القوى العاملة هي التي توفر بدل إعاشة لكل من بلغ السن القانوني ويعيش على ما يتقاضاه من راتب تقاعدي . وحاجة أوروبا الى مهاجرين جدد تنحصر في الكادر المختص وليس في اليد العاملة لأن التقدم التقني والتطور الاقتصادي وما يواكبهما من ثورة في مجالات الاتصالات والمواصلات باتت تحتم استقدام حملة الشهادات أو حملة الرساميل . ولكن ، ورغم إدراك أوروبا مدى حاجتها الى استقدام مهاجرين ، فإنه لا يمر يوم دون ان تتخذ المفوضية الأوروبية اجراءات جديدة للحد من الهجرة أو تعمد الى سن قوانين وأنظمة جديدة تعيق من خلالها استقدام المهاجرين . ومن خلال الإحصاءات الرسمية التي صدرت مؤخراً عن مكتب الإحصاء في الاتحاد الأوروبي(يوروستات) يتبين ان ما مجموعه 301000 شخص تقدموا بطلبات لجوء في الاتحاد الأوروبي، من بينهم 90 في المائة طلبات جديدة، ونحو 10 في المائة من المتقدمين سابقاً . وتقول البيانات الأوروبية إن الدول المصدرة الرئيسية لطالبي الهجرة الى أوروبا هي أفغانستان (28ألفاً ) وروسيا (18200) وباكستان (15700) والعراق (15200) وصربيا (13900). و تم تسجيل أكبر عدد من المتقدمين بطلبات للجوء في فرنسا (56300 ) وتليها ألمانيا (53300) وإيطاليا (34100) وبريطانيا 26400 .يضاف الى هذه الأعداد مجموعات كثيرة من دول أخرى في أفريقيا والعالم العربي بالنظر لما تشهد بعض الدول من ثورات او إنقلابات أو موجات مجاعة أو بطالة . والمؤسف ان المسؤولين الرسميين يتجاهلون أحياناً كثيرة مدى اهمية استقدام المهاجرين فيتسابقون في اعلان المواقف المنددة بالهجرة ويحمّلون المهاجرين أحد أمرين : إما أن المهاجرين هم السبب في الأزمة الاقتصادية التي تمر بها أوروبا رغم ان هذا الاتهام هو سياسي ولا يتمتع بأية مصداقية اقتصادية لأن هناك الكثيرين من المهاجرين الذين يقومون بأعمال متواضعة يرفض المواطن الأوروبي في بلده أن يقوم بها . وإما يستخدمون ورقة المهاجرين في الإنتخابات مثلما يحصل في فرنسا اليوم حيث أجمع معظم المرشحين لرئاسة الجمهورية على ان الهجرة تشكل أزمة كبيرة وأنه بات المطلوب الحد منها رغم علم المرشحين ان فرنسا تحتاج الى نحو 800 ألف مهاجر سنوياً . والمؤسف ان معظم الراغبين بالهجرة هم من دول إسلامية ولهذا يخلط المنتقدون الأوروبيون - سواء عن عمد أو عن جهل - ما بين المهاجر المسلم وما بين الإسلام فيساهمون بذلك في تأجيج النفوس لدى الأوروبيين ضد الإسلام قبل ان يستدركوا انهم اخطأوا في التشخيص ، ولكن غالباً ما يأتي الاستدراك متأخراً . هذه هي أمثلة عن " الديمقراطية " التي تمارس في الغرب ، وهذا هو نموذج من العولمة الحضارية التي يبشروننا بها أو التي يطالبوننا بممارستها ..!! [email protected]