لا يمكن الإنكار أن العلاقات التجارية البينية بين دول الاتحاد الاوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي هي لمصلحة الاوروبيين إذا ما استثنينا النفط الذي هو في الاصل ثروة طبيعية وليس مادة تصنع في المعامل، والا لكان الغرب هو الذي يبيعنا هذه المادة اسوة بكل المواد الاخرى الاستهلاكية التي نشتريها. ولن ادخل هنا في متاهة الاسباب التي تحول دون ان نكون دولاً صناعية قادرة على اجتياح الاسواق العالمية بل سأكتفي بالاشارة الى اننا في الخليج العربي ليس فقط نشتري احتياجاتنا من الغرب بل نوظف لديه اموالنا بشكل يفوق ما يشتريه من عندنا وما يستثمره لدينا. وخير دليل على ذلك الارقام الصادرة عن مكتب الاحصاء الاوروبي (يوروستات) التي بينت ان الاستثمارات الاجنبية المباشرة من الدول الست الاعضاء بمجلس التعاون الخليجي الى الاتحاد الاوروبي الذي يضم 27 عضواً قفزت الى 63.2 مليار يورو في عام 2008م مقابل 2.3 مليار يورو في عام 2007م، فيما الاستثمارات الاوروبية في دول مجلس التعاون الخليجي والتي رغم انها سجلت ارتفاعاً فإنها لم تصل الا الى 18.9 مليار يورو في عام 2008م مقابل 4.6 مليار يورو في عام 2007م. أي أن الفارق لمصلحة الاوروبيين هو 44.3 مليار يورو. وكان اكبر استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي من نصيب لوكسمبورغ حيث وصلت الى 59.3 مليار يورو. وكان لدولة الامارات العربية المتحدة حصة الاسد من هذا المبلغ حيث بلغت قيمة استثماراتها 58.5 مليار يورو تليها قطر بقيمة 641 مليون يورو والسعودية بقيمة 134 مليون يورو والبحرين 110 ملايين يورو والكويت بقيمة 23 مليون يورو. واحتلت لوكسمبورغ أيضًا صدارة المستثمرين في دول مجلس التعاون الخليجي حيث بلغت قيمة استثماراتها 12.7مليار يورو تليها الدنمارك بقيمة مليار يورو والمملكة المتحدة بقيمة 867 مليون يورو وفرنسا بقيمة 711 مليون يورو وألمانيا بقيمة 236 مليون يورو. ولفت التقرير الى ان تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر من خارج الاتحاد الاوروبي كان من شأنها تسجيل مزيد من التراجع لولا استثمارات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في لوكسمبورغ علماً ان استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي في اوروبا كانت دائماً الاعلى حيث بلغت 31.8 في المائة من اجمالي تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر الى الاتحاد الاوروبي في عام 2008م لتحتل بذلك المرتبة الثانية في التكتل الاوروبي، فيما بلغت قيمة استثمارات امريكا الشمالية (كندا والولايات المتحدة) في دول الاتحاد الاوروبي 65.8 مليار يورو اي ما يماثل 33.1 في المائة من اجمالي تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر في التكتل. ولم يشر تقرير “يوروستات” الى القطاعات التي استقطبت الاستثمارات لكنه وصف لوكسمبورغ بأنها باتت مركزاً مالياً ومصرفياً مهماً في اوروبا مما يرجح ان الاموال الخليجية يمكن ان تكون قد اودعت في مصارف لوكسمبورغ ولم يتم توظيفها في استثمارات فعلية، وهنا يكون المستفيد هو الجانب الاوروبي الذي سيعيد توظيف هذه الاموال، فيما الجانب الخليجي يكتفي باحتساب فوائد الايداع التي ليس لها اي اهمية في الدورة الاقتصادية العالمية. [email protected]