مضى أكثر من شهر على صدور قرار الأممالمتحدة منح فلسطين صفة دولة غير عضو في الأممالمتحدة، ما يتيح لها الانضمام إلى الهيئات المنبثقة عنها بما في ذلك الجنائية الدولية فيما بادرت حكومة نتنياهو بالانتقام من تلك الخطوة من خلال تجميد أموال الضرائب التي تجبيها لصالح السلطة الفلسطينية، وأيضًا -وهو الأهم- المصادقة على بناء آلاف الوحدات السكنية الاستيطانية في القدسالشرقية، حيث أوشك مشروع القدس الكبرى على الانتهاء قبل المدة المحددة له بعدة سنوات بعد أن اكتمل تقريبًا وصول النطاق الجغرافي للقدس الشرقية إلى مستوطنة معالي أدوميم. بالإمكان أن نلمس خطورة ما يحدث في القدس الآن من خلال ما نشرته صحيفة ها آرتز الإسرائيلية أمس، فقد بلغ ما تم بناؤه عام 2012 من وحدات استيطانية 2386 وحدة قياسًا إلى 726 عام 2011، وصادقت حكومة نتنياهو على بناء 6932 وحدة عام 2012 للبناء مستقبلاً بالمقارنة مع 1772 عام 2011، و959 عام 2010، وهو ما يعني أن مشروعات البناء الاستيطاني تضاعف حوالى 11 مرة خلال العامين الأخيرين. ما يدعو إلى الأسف أن قرارات إسرائيل الاستيطانية لا تكاد تجد ردود فعل تذكر من قبل المجتمع الدولي الذي يكتفي بالإدانة في أفضل الأحوال. لكن ما هو مؤسف أكثر أن تكتفي السلطة الفلسطينية أيضًا بالإدانة وتحجم عن اتخاذ أي إجراء حاسم إزاء هذا العدوان الاستيطاني الغاشم الذي لايقل بشاعة عن المذابح الإسرائيلية ضد الأهالي التي كان أحدثها العدوان على غزة، فليس ثمة فرق بين العدوان على الأرض بسرقتها واستباحتها والعدوان على إنسان هذه الأرض باقتلاعه منها واغتصاب حقه في الحياة. ليس من المستغرب أن يتراجع الموقف الأمريكي إزاء التوسع الاستيطاني الإسرائيلي الذي كان أكثر صرامة في بداية الولاية الأولى للرئيس أوباما، ولنا أن نذكر بهذا الصدد حالة الغضب الشديد التي اعترتها من جراء إعلان حكومة نتنياهو عن بناء 1600 وحدة سكنية في مستوطنة رامات شلومو خلال زيارة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن لإسرائيل فيما اعتبره المراقبون بأنه بداية أزمة حقيقية بين البلدين. ما يحدث الآن يعتبر نتيجة طبيعية لانشغال الفلسطينيين بالانقسام وبالاحتفالات المتتالية التي تتسابق رام اللهوغزة في إقامتها.