المتابع للربيع العربي منذ ثورة تونس التي أشعلها الشهيد -بإذن الله- أحسبه كذلك ولا أزكيه على الله بو عزيزة يوم أحرق نفسه نتيجة القهر والظلم والإهانة وحتى سقوط رؤوس الطغاة المتتابعة في تونس وليبيا ومصر واليمن، وإن شاء الله سوريا قريبًا وغيرهم من الطغاة، يقف مشدوهًا ومتعجبًا وذليلًا في نفس الوقت لقدرة الخالق سبحانه وتعالى الذي إذا أراد لشيء أن يكون فإنما يقول له كن فيكون، كما قال تعالى: (إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون). فلم تغن عنهم أموالهم ولا جيوشهم ولا سلطانهم، سبحان الله فما أهون الخلق على الله وممّا لا يختلف فيه اثنان أن سبب سقوط هؤلاء الطغاة بل والذل والمهانة الذي آل إليه حال المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها هو بلا شك مقارفة المعاصي وكثرة الذنوب ومحاربة الله ورسوله، فلله سنن وأصول لا تتغير ولن تتحول. من سلك طريق الهدى وأطاع الله ورسوله سهل الله حياته وأنارطريقه ووصل إلى غاية مناه، ومن حارب الله ورسوله وعصاه وهو يعرفه سلط الله عليه من لا يعرفه وعاش عيشة التعساء والأشقياء. قال تعالى: (إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم)، وقال تعالى: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير). ولنا عبرة في ما قبلنا من الأمم: قوم نوح، وقوم عاد وثمود، وقوم هود، وقوم صالح، وفرعون، وبني إسرائيل، وقارون، والنمرود، وغيرهم من الأمم السابقة والمعاصرة، قال تعالى: (ولا تحسبنَّ الله غافلًا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار). وقال تعالى: (ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلًا). والشاهد أن المعاصي والشرور والفساد ومحاربة الله ورسوله هي السبب الحقيقي وراء عقوبة الله وانتقامه، قال تعالى: (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعزُّ من تشاء وتذلُّ من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير). وقال تعالى: (فكلاًّ أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبًا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون). وقال الشاعر: إذا كنت في نعمة فارعها فإن المعاصي تزيل النعم وداوم عليها بشكر الله فشكر الإله يزيل النقم حمود الشميمري - مكة المكرمة