على مدى عامين والثورة السورية تتحدّى الصعاب، وتسطرّ بدماء أبنائها وبناتها أعظم صفحات الخلود. نظام دموي مجرم كرّس مقدرات البلاد لقمع الناس، وتكميم الأفواه ومطاردة المناضلين، فأصبح الخوف يوزع على الناس بالمجان، وتحوّلت أقدم مدن التاريخ إلى سجون وفروع للأمن، وتوزيع الاتهامات، ففرّ المبدعون، وصمت المنكرون، وظلّ النظام يمارس جبروته على الناس مستخدمًا أقسى أساليب الترويع. ما أن هبت رياح التغيير على الشام حتى خرج الأطفال في درعا يكتبون بأصابعهم الصغيرة وأحلامهم الكبيرة (الشعب يريد إسقاط النظام)، فقام حماة الديار باقتلاع أظافرهم، ونكلوا بهم وبأسرهم، فثار الشعب مثل البركان، وقام النظام بدك المدن بالطائرات والراجمات، واغتصب النساء، وقتل المواطنين، وهم يصطفون أمام المخابز بحثًا عن الرغيف، وملأ السجون بالشباب السوري، ولكن كل هذا لم يكسر إرادة الشعب السوري، بل زاده حقدًا على النظام وتصميمًا على النصر. حاول بشار أن يمنع الصحافة العالمية من نقل ما يجري، اقتداء بوالده الذي دك حماة على رؤوس أهلها في القرن الماضي بدون أن يرى العالم جريمته، لكن الزمن مختلف، والعالم يتغير سوى عقل الدكتاتور وزبانيته، حيث قام الشباب السوري بإمكانيات متواضعة بتصوير ما يجري، ونقلوا للعالم المجازر الرهيبة، والرعب المنظم الذي يمارسه الجيش السوري وفرق الأمن والشبيحة. لم تقف إيران -تاجر الحروب الخبير- وحزب الله -المريد الصغير- كما وقف الآخرون، فقام نظام الملالي بإمداده بالخبراء الذين أفشلوا الثورة الخضراء في طهران، وأرسل حسن نصر الله جلاديه وقناصته لينظموا إلى بقية الجوقة، ولكن السوريين قرروا أن يلقنوا هذا الثالوث المجرم درسًا في الصمود والتصدي. عرقل الروس والصينيون كل ما يمكن اتخاذه من قرارات أممية ضد بشار ونظامه، لكن رب ضارة نافعة، لقد أشعلوا فتيل الثورة ودفعوا كثيرًا من الشباب المسلم إلى المشاركة مع الثوار أو دعمهم إعلاميًّا ومعنويًّا، ونشروا فضائع بشار ونظامه حتى أصبح النظام شديد العزلة، وهو ما جعل العالم يلتف حول الثورة، إعجابًا ببسالة الشعب السوري الذي سطر أعظم صفحات الخلود أمام هذه الآلة الجهنمية. اليوم وبعد مرور عامين أصبح الثوار على أبواب دمشق، وبدأ جرذان البعث يتقافزون من السفينة، وأنصار الأمس يفتشون عن ملاذ آمن لبشار، ومَن بقي معه من حاشيته. دول عربية تدعم الثوار بالكلام، والشبيحة بسيارات الدفع الرباعي، والنظام السوري بأرقام شرائح الهاتف النقال ليصطاد الثوار في أماكنهم، جرائم منظمة ما زالت طي الكتمان، لكن التاريخ كفيل بفضحها، والله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. كل هذا لم ينل من تضحية الشعب السوري وصموده، فصبر وصابر ورابط. استخدموا ضد ثورته فزاعة الإرهاب والتكفير والهوية، ولكن التوفيق الإلهي، ثم الصمود المذهل للشعب السوري أفشل كل المؤامرات، وجاء العالم راكعًا يعاني من عذاب الضمير الإنساني أمام ما يجري ليقول للمجرم. انتهي الدرس. اليوم قرر الشعب السوري أن يقول للمجرم بشار الأسد، نظرًا لمخالفتك للقانون الإلهي، وعدم اعتبارك بما وقع للطغاة قبلك، تم منحك تأشيرة خروج نهائي، فاخرج منها فإنك رجيم. [email protected]