" الطّاسَة إناءٌ مُفَضَّلٌ عند عرب الجزيرة العربية، لإرواء الظمأ، أو نقْلِ الماء من القِرْبة، إلى جوْف العطشان. فإذا ضاعتْ الطاسةُ، حلّتْ الحيرةُ، وسادَ الارتباكُ، وتعثرتْ حالةُ القوم" فكيفَ تضيع الطاسة عند معظم الفئات الاجتماعية، في أيِّ مجتمع بشري كان ؟ تضيع عندما لا يُحِبُّ إنسانٌ لأخيه ما يُحِبُّ لنفْسه، وعندما تتفوقُ العضلاتُ على العقول، وعندما يستغل أيُّ مسؤول سلطتَهُ الوظيفية، فَيُعَيِّنُ قريبَهُ، أو أحدَ أبناءِ عشيرته، في وظيفة غير كفؤ لها، وعندما تسيطرُ المحسوبية على الأداء، وعندما تُهضَمُ حقوقُ المرأة، ويتم تجاهلُها، وعندما يغدو الفكرُ والتفكيرُ محدوديْن وقاصريْن، وعندما يُسلِّط مسؤول الضوءَ على شخصيته، حتى يُفْضي به الأمر إلى إيجاد قاعدة خصوصية متميزة به، تتجافى مع أسس حقوق الإنسان، والمَثَلِ الأعلى الأخلاقيِّ والمعياريِّ نفْسِه، في نظام قِيَم الإسلام، فضلاً عن مجافاته الضمير، وعندما تُهدرُ الأموال العامة، ولا يحقق مسؤول الأهداف التي وضع مِنْ أجْلِها، وعندما يكون مكروهاً من موظفيه ومراجعيه، ويعيش لنفسه، وعندما يردد أحييني اليوم وأمِتْني غداً، وعندما يَستغِلُّ إنسانٌ إنساناً آخر، ويظلمُه، ويستعبدُهُ، ويُذِلُّه، ويقهرُه "ويخون مَنْ يُؤْتَمَن على تنفيذ الجزء الأكبر من مشروعات التنمية" كما قال الدكتور غازي القصيبي رحمه الله، وعندما تغيب وسائل الإعلام المسؤولة في أي مجتمع بشري، وعندما يختلط الحابل بالنابل، وعندما يتصور أحدهم أنه أقدر على غيره في إدارة مشروع ما، وعندما يسود مبدأ " ما في البلد غير هالولد " وتبدوالكثير من التصرفات غير قائمة على أساس إداري سليم، وتذهب مصلحة الوطن والمواطن هدرا، وعندما ينخفض الوعي، والشعور بالواجب الوطني، عند عدد من المواطنين، وبالتالي عند بعض الموظفين، وعندما تبدو التنمية ظاهرة سلبية، ويسود بين بعض فئات المجتمع في أي مجتمع بشري كان، نفاق اجتماعي، عن أوجه مختلفة من الحقوق، وعندما توضع الأمانة في مُتْحَف، وعندما يغيب التروي والتوازن، وأوليّةُ تطبيقِ التشريع الاجتماعي، والعدالة الاجتماعية، وضرورات الواجبات، والتنمية الاقتصادية المُطَّرِدة، والمُنْتِجَة، في ظل شروط تضمن للفرد الحريات الأساسية والاقتصادية السياسية، في وجود هذه العوامل كلها أو بعضها تضيع الطاسة، فتَحِلُّ الحيرة، ويسودُ الارتباكُ الاجتماعي، وينسى بعضُ الناس قَوْلَ الله تعالى: " وما مِنْ دَابَّةٍ في الأرضِ إلاّ على اللهِ رِزْقُها" (سورة هود، الآية 6). اللهم جنِّب الوطنَ، والمجتمع، والمواطن، والمقيم، ضياع الطاسة، واحفظ عليهم الأمن والأمان التاميْن، إنك على كل شيء قدير. فاكس: 014543856 [email protected]