أعلن رئيس وزراء مالي شيخ موديبو ديارا استقالته وحكومته في كلمة بثها التليفزيون في وقت مبكر أمس الثلاثاء بعدما اعتقل في منزله بناء على أوامر من الكابتن أمادو هايا سانوجو، ضابط الجيش الذي قاد انقلابا عسكريا قصيرا في مارس الماضي. وقال ديارا في بيان مقتضب بثته قناة «أو.آر.تي.إم» الرسمية في الرابعة صباحا: «أستقيل أنا، الشيخ موديبو ديارا، وحكومتي»، دون الإدلاء بأي توضيح، فيما قالت المجموعة العسكرية التي يقودها سانوجو أنه «لا انقلاب» في مالي وأن رئيسًا جديدًا للوزراء سيعين «في الساعات المقبلة». ونقلت «وكالة الأنباء الأفريقية» عن مصادر في الدائرة المقربة من رئيس الوزراء المستقيل قولهم إن موديبو اعتقل مساء الاثنين عندما كان يستعد للسفر إلى باريس لأسباب صحية. وكان ديارا، القائم بأعمال رئيس الوزراء منذ أبريل الماضي، قد دعا إلى تدخل عسكري دولي في شمال البلاد الذي يديره انفصاليون إسلاميون على صلة بالقاعدة منذ يونيو الماضي، فيما عارض سانوجو الفكرة. وقاد الكابتن سانوجو مجموعة عسكرية أطاحت بنظام الرئيس السابق أمادو توماني توري في مارس، واستغل المتمردون المسلحون حالة الفوضى وفرضوا سيطرتهم على المنطقة الشمالية، وسلم سانوجو السلطة إلى حكومة مدنية للرئيس الانتقالي ديونكوندا تراوري بعد مرور أسبوعين، غير أن مراقبين قالوا إنه لا يزال يتمتع بنفوذ في العاصمة. وجاءت استقالة ديارا بعدما اتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على إعداد بعثة تدريب عسكري إلى مالي تهدف إلى مساعدة باماكو في استعادة السيطرة على شمال البلاد. ومن شأن اعتقال ديارا واستقالته أن يزيدا من تعقيد مساعي تحقيق الاستقرار في مالي حيث ما زال أفراد الجيش والساسة منقسمون منذ انقلاب مارس، حيث يسيطر على الشمال مقاتلون إسلاميون مرتبطون بتنظيم القاعدة. وقال بكاري ماريكو وهو متحدث باسم مجموعة من الجنود استولت على السلطة في انقلاب مارس وما زالت قوية رغم إعادة السلطة رسميا إلى المدنيين في الشهر التالي إن ديارا اعتقل لعدم العمل بشكل كامل لمعالجة مشكلات البلاد. وأضاف ماريكو «البلد يمر بأزمة لكنه يعرقل عمل المؤسسات... هذا ليس انقلابا. الرئيس ما زال في منصبه لكن رئيس الوزراء لم يعد يعمل لمصلحة البلاد». وذكر ماريكو أن ديارا نقل بعد اعتقاله إلى مقر المجلس العسكري السابق في كاتي وهي بلدة بها ثكنات عسكرية خارج باماكو. واتهم زعيم الانقلاب الكابتن امادو سانوجو مرارًا بالتدخل في السياسة منذ تنحيه وتكليفه رسميًا بالإشراف على إصلاح جيش مالي. وقال سكان في مالي إن الهدوء ساد المدينة في الساعات الأولى من صباح اليوم. وهناك انقسامات منذ شهور بين المجلس العسكري السابق والرئيس المؤقت ديونكوندا تراوري ورئيس الوزراء المستقيل ديارا. وديارا عالم سابق في إدارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا) ومسؤول مايكروسوفت في افريقيا وقد تولى منصب رئيس الوزراء في ابريل الماضي بعد أن أعاد الجيش السلطة رسميا إلى المدنيين. وهو زوج ابنة الرئيس السابق موسى تراوري وكان يبدو أن هناك علاقات طيبة تربطه بالجيش. لكن التوترات أصبحت حادة لدرجة خطيرة في الأسابيع القليلة الماضية وقال محللون إن ديارا وهو وافد جديد نسبيا على السياسة في مالي بعد أن قضى سنوات في الخارج بدا راغبا في إقامة قاعدة سياسية خاصة به قبل أي انتخابات تجرى في المستقبل. وحذر زعماء غرب افريقيا ودول غربية من أن شمال مالي أصبح ملاذا آمنا للإرهاب والجريمة المنظمة لكنهم وجدوا صعوبة في وضع الخطط اللازمة لمساعدة البلاد بسبب الانقسامات العميقة في العاصمة. ويؤيد بعض ساسة مالي فكرة القيام بعملية عسكرية مدعومة من الخارج لاستعادة السيطرة على الشمال في حين يقول آخرون إنهم في حاجة إلى دعم مالي ولوجستي فقط ويؤكدون أن البلاد قادرة على تنفيذ العملية بنفسها.