يجمعنا الحديث بين فترة وأخرى بمن يحب دوما المقارنات بين مدن وأخرى وهذا أمر يكثر حدوثه في الفترة الأخيرة. لكن ما أريد مناقشته هنا وجود فئة تحاول الإسقاط على الوطن بدعوى المقارنات، وهذا الشيء لا أحبه ولا أظن مواطنًا نشأ في هذا الوطن العظيم وترعرع بترابه واستنشق هواءه ولثم ترابه يحبه. لا أظن حب الأوطان يقاس بأمور ترفيهية أو خدمات بلدية أو وجود ناطحات سحاب وغيرها. وحتى لو وجد قصور هنا أو هناك، أو وجد نقص هنا أو هناك أو بعض بطالة أو ظلم هنا أو هناك فهل سيكون مسوغا للزهد في الوطن ونسف كل محامده؟ الوطن أهلي وأهلك وهو مسقط الرأس الوطن مساحات شاسعة بها مدينتي ومدينتك وقريتي وقريتك وبها فوق هذا مكة والمدينة وهذا يكفينا شرفا. الوطن حيث نشأ الآباء والأجداد والأمهات الوطن حين تخرج وتترك أهلك وبنيك آمنين مطمئنين لا يخافون الوطن هنا في بلاد الخير الذي يفيض خيرها على القاصي والداني هنا يوجد عشرة ملايين شخص يتمنى كل واحد منهم أن يكون لهم وطن مثله. هنا وطن السلام.. هنا وطن الإسلام هنا ديار العز، ومهما تفاخر بعض الناس بخدمات شاهدوها أو ناطحات سحاب سكنوها أو مطارات سافروا فيها، فلن تكون غير قطرة في بحر وطننا الذي نحبه ونجله ونعشق ترابه وماءه وعلينا أن ننقل هذا الحب وهذا الانتماء لبنينا وبناتنا فمسكين من ليس له وطن، ومحروم من توهم أنه يمكن شراء وطن، فمجرد العيش والإقامة في بلد ما لدراسة أو سياحة لن تكون كافية للحكم أو لكي تكون مواطنا فيه، بل ستكون من فئة ثانية وثالثة لو قدر لك الإقامة والحصول على جنسيته، وستظل أشواقك ملتهبة كلما تذكرت جبال وسهول وصحارى وطنك، بل ستطاردك أسئلة من حولك عن وطنك وسبب تركك له. اللهم آمنا في أوطاننا وأصلحنا وولاة أمورنا، وأدم الأمن والأمان في ربوعنا. ورحم الله أحمد شوقي: وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي ورقة مثل: ( ما يصبر على جهلي إلا أهلي ) تأمل هذا المثل وطبقه على نفسك حين ترخص من وطنك بمقارناتك؟ واعلم أن سكوت الناس عن نقاشك بالمجالس ليس لأنهم راضون عن مثل طرحك، ولكن ربما لانهم أرادوا إعطاءك فرصة للتعرف أكثر على نفسك ووطنك، ووطن لا نحميه فلا نستحق أن نعيش فيه. وكم أتمنى ممن يجهل مكانة الأوطان ويصدرها للآخرين أن يقرأ في السيرة وكيف كان نبينا عليه الصلاة والسلام يحب مكة ويتمنى أن أهلها لم يطردوه منها. وكم أتمنى أن يأخذوا دورات في حب الأوطان ممن شرد وهجر من وطنه وهم فئات كثيرة في هذا العالم. ورقة الختام: (نِعمَ العبد): أغمض عينيك وتخيل أن الله قالها فيك! هل عرفت الآن حقارة أفعالنا حين نرجو ثناء البشر؟ للتواصل: FahadALOsimy. تويتر [email protected]