لي أخ يعمل محاضرًا بإحدى الجامعات في مدينة الرياض، وكثيرًا ما نتجاذب أطراف الحديث عن موضوعات شتى. قال لي مرة: اكتب عن مشكلات الطرق وازدحامها بالسيارات واستعصائها حتى الساعة عن الحل. قلت له ولماذا؟ ألا يوجد لديكم أمور أخرى أشد أهمية؟ قال والله لا يوجد مشكلة تؤرق الناس في الرياض أكبر من هذه المشكلة. وذكر لي من شدة معاناته أنه يخرج من بيته في الساعة السادسة ليصل قبل محاضراته بساعة ونصف تقريبا، لكون الطريق لما يزدحم بالسيارات بعد. أنا هنا لن أعقد مقارنات بدول أخرى، فقد يقال: الظروف غير الظروف والمساحة غير المساحة وكثافة السكان هناك غيرها هنا... ولكن يهمنا هنا مناقشة الموضوع، وأن نجعل الذهاب والمشوار غير داع للملل والضجر والسأم بطرح بعض الحلول. أليس بالإمكان دعم الناقل العام وتنشيطه ونشره وإلزام بعض الفئات السكانية باستعماله؟ ألا يوجد حلول تنهينا من هذه المعضلة؟ هل تأسيس خط للمترو اليوم صعب المنال؟ برأي الكثيرين ممن ناقشتهم أنه ضرورة ويجب المضي بإنشائه وتحمل كافة تبعاته، فنحن اليوم ندفع ضريبة التأخر بتنفيذه. من الحلول أيضا؛ لم لا يكون هناك ضرائب لبعض الفئات الوافدة عند تجديد الرخص والاستمارات لإجبارهم على استعمال الوسائل العامة للمواصلات؟ وهذا سيقلل عدد السيارات في الطرق. ربما زاد من معاناتنا رخص سعر البنزين ووجود الطرق الممتازة، ولا مثالب بها عدا ما طرأ عليها من تضييق في بعض الطرق مؤخرا. كل هذه الأمور شجعت الكثيرين على اقتناء سيارات خاصة وصار عددها أكبر من سعة الطرق. هل يمكن إجبار الناقلات الكبيرة والشاحنات مثلا على استعمال طرق بديلة لطريق الملك خالد صباحا؟ برأيي هذا سيسهم في بعض الحلول. ورقة مرجحة: صديق لي باع فلته الجديدة وانتقل للعيش بمسقط رأسه، وقابلته بعدها بفترة فقلت له، وأنا أعرف تعلق أبنائه بالرياض: كيف واجهت غضبهم وعتبهم وشوقهم للعاصمة؟ فقال: نار غضبهم أطفأه هدوء مدينتي الجديدة وقلة سياراتها وصخبها، ولا أعلم كيف تتحملون هذه الطوابير اليومية من السيارات؟ أتعلم أني بمقري الحالي أقوم بزيارات صلة الرحم، ومراجعة بعض أعمالي الخاصة في الدوائر الحكومية، وزيارة مدارس أبنائي أحيانا بساعة من النهار؟ وهل يمكنك أن تقوم أنت بمشوارين في العصر مثلا في الرياض؟ حقيقة أقنعتني حجته وزاد بقوله: في عهد الملك عبدالله وبعد التوسع الكبير في افتتاح الجامعات والكليات، وبعد تيسر الخدمات الإلكترونية، لم نعد بحاجة للسكنى في المدن الكبيرة. فقبل سنوات كان الفرد يضطر للسكن في الرياض مثلا للدراسة في الجامعة. وفي ظل وجود النت وسهولة استعمال الخدمات الإلكترونية فلا داعي للذهاب للمدن الكبيرة، وأصبحت بمقر إقامتي الحالي أنعم بكل الخدمات وبالتواصل معها. @FahadALOsimy [email protected] Www.22522.com