أخرج البخاري برقم (29) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن. قيل أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئًا قالت: ما رأيت منك خيرًا قط). تذكرت هذا الحديث في قضية إغلاق مستشفى عرفان بجدة، فأحببت أن أُعبِّر عن تجربتي الشخصية. فقد كتب الله لي الشفاء فيه بعدما لم أُوفّق بالعلاج في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهذا ليس بمستغرب؛ لأن الشفاء والحياة والممات بيد الله عز وجل أولاً وأخيرًا، والولاياتالمتحدةالأمريكية وغيرها من الدول ليست ممحصة من الأخطاء الطبية والفنية، حيث وردت أن نسبة الوفيات من الأخطاء الطبية في الولاياتالمتحدةالأمريكية تصل إلى مائة ألف شخص سنويًّا. لقد كتب الكتّاب والأطباء عن هذه القضية، منهم من يُؤيِّد قرار إغلاق المستشفى، ومنهم من يعارض هذا القرار. فلن أدخل في تفاصيل الضرر من إغلاق المستشفى، سواء للمواليد، أو للمرضى والمراجعين، أو الأطباء والموظفين. فقد وضّحها أ. د. طارق صالح جمال في مقال بعكاظ بعنوان: «مجانبة الصواب» بتاريخ 29 نوفمبر، وقبله في نفس الصحيفة د. عبدالعزيز حسنين في مقاله «عرفان وما حولها» وأن العامل الرئيس الوحيد الذي يحدد جدوى حياة إسعاف حياة الإنسان بعد الله، هو قرب المستشفى المجاور للسكن. ولقد رصدت وزارة الصحة 4000 ملاحظة 1432-1433 وتم إدانة الممارسين الصحيين في 506 قضايا بلغت 32.7%، وأعتقد أنه إذا حاسبنا جميع المستشفيات الخاصة والحكومية في الثلاثين عامًا الماضية، فلن يبقى مستشفى واحد دون إغلاق. إن الصحة شراكة بين القطاع العام والخاص، وحال الفقيد الطفل صلاح الدين هو حال الكثير من المواطنين والمقيمين الذين انتكسوا، أو توفوا نتيجة أخطاء طبية أو فنية على مستوى مستشفيات المملكة. ابن حاتم منور الرويثي، فهد أحمد السهلي، طارق صالح العمري، ابنة أخ المواطن عايد العنزي، مشعل ناهر الجابري والد «فيء البخاري»، مشاري الرشيدي. هذه أسماء وتقارير نشرتها الصحف من الذين ضمتهم الإحصائيات عدا الذين لا نعلم عنهم. لكن لم نسمع عن إغلاق المستشفيات، وخاصة مستشفى يضم وحدات من أكبر الوحدات في القلب، وغسيل الكلى، والأورام. فكم روح أنقذها المستشفى، وكم مريض داواه، وكم عقيم كان سببًا في شفائه، وكم مولود أسعفه، وكم مضطرب نفسيًّا أعانه، وشرح له صدره في الثلاثين عامًا الماضية؟! لا نُقلِّل من الخطأ، والذي اعترف به المستشفى، ولا من هول الفاجعة، ولكنّ التحدّي يكمن في أن تصل وزارة الصحة إلى حلول ترضي أهل العزاء، وتحفظ الأرواح، ويستمر العلاج والخدمات. وأدعو لصلاح الدين جميل أن يصبر أهله، ويجعله شفيعًا لهم يوم القيامة، وأدعو لجميع أهالي الأخطاء الطبية والفنية بأن يداوي جروحهم، ويصبّرهم على الفراق، ويرحم موتاهم وموتى المسلمين.