كان من المفترض أن يكون الحديث اليوم عن وزارة التربية والتعليم، إلا أن ما وقع هذا الأسبوع الذي يُعد في نظر القراء والمتابعين أسبوعًا ساخنًا لوزارة الصحة؛ حيث أغلق ابتداءً مستشفى عرفان الشهير بجدة بعد تسببه في وفاة طفل، وتبع ذلك إعلان الوزارة إغلاق تسع مستشفيات خاصة في الرياض، كل ذلك دفعني للحديث عن مثل هذا القرارات والإغلاقات، ودروها في الإصلاحات لوضعنا الصحي، فكانت هذه الوقفات: مثل ذلك المستشفى الذي أُغلق، كان من المدهش أنه توالت منه أخطاء عدة، وقد ذكرت لجنة مختصة في تصريح لوسائل الإعلام أن عدد القضايا المرفوعة ضده تجاوزت الثلاثين (ومنها موت الدكتور طارق الجهني والدكتور عدنان جمجوم).. ومنها أيضًا (حالة الطفلة رنيم التي ترقد حاليًا في غيبوبة نتيجة خطأ طبي نسأل الله لها السلامة)، وهذا يدفع للتساؤل لماذا انتظرت الوزارة طوال هذه الفترة؟!، وهل نتج هذا التحرك لأن الطفل صلاح -يرحمه الله- هو ابن لأحد وجهاء وطننا العزيز؟! كما أن إغلاق تسع مستشفيات خاصة في الرياض كإجراء وُصف بالتحفّظي يدفع للتساؤل عن وضع هذه المستشفيات، وما المقصود بالتحفّظي هنا؟! وكم ستكون مدة الإغلاق؟، وأسئلة كثيرة تدور حول وضع المستشفيات التسعة والإغلاق الجماعي لها، وفي هذا التوقيت المتزامن مع ما وقع في جدة! وفي الوقت الذي يشكر فيه الجميع تفاعل الوزارة مع ما حدث، فليتها تتفضل مشكورة بإعلان لائحة العقوبات للتجاوزات التي قد تقع من المستشفيات الخاصة؛ فبها يعرف المواطن -قبل صاحب المنشأة- حقه، ونحن نقرأ بين الحين والآخر عن أخطاء طبية شنيعة؛ ربما تكون قاتلة، لكننا ولأول مرة نسمع بإغلاق مستشفى خاص ولمدة شهرين، ومستشفيات أخرى لأمد لم يذكر! ومن المحزن أن يتنادى بعض الكتّاب ضد هذا القرار، مُطالبين بإعادة النظر فيه بحجج ومبررات غريبة؛ فمنهم من ذكر أن عدد المراجعين للمستشفى يصل إلى أكثر من 6000 مريض شهريًا، ومنهم من تساءل عن مصير العاملين فيه.. وهكذا.. وأنا بدوري أقول: ما قيمة وجود مستشفى لا يملك أطبّاء أكفاء، وقد يؤدي الذهاب إليه إلى الموت؟! وأين هؤلاء الكتّاب المتنادون للدفاع عن هذه المستشفيات حين لم يكتبوا ضدها وهي تحتفظ بالجثث إلى أن يتم سداد كامل تكاليف العلاج، في إجراء لا يمت للإنسانية بصلة؟! إن مسألة إغلاق المستشفيات الخاصة المقصرة أو المتهاونة بحياة المرضى في نظري عقوبة رادعة؛ فالنفس غالية وإزهاقها جرم كبير يستوجب التعزير الموازي لذلك الجرم. وختامًا: فإن الجميع ينادي وزارة الصحة إلى أن تعيد النظر في مسألة افتتاح المستشفيات الخاصة والمنشآت الطبية بشكل عام؛ ومتابعتها الدقيقة بعد التصريح لها؛ فهم يتعاملون مع أجساد الناس، ومن المؤسف أن تكون مجالًا للاستثمار التجاري، فهل تفعل وزارتنا الموقرة؟! * وقفة أخيرة: حان الوقت لإيقاف المستشفيات الخاصة التي لا تقيم وزنًا لصحة الناس، ويبدو أن زمن استغلال حاجة المرضى وابتزازهم من اجل استعادة صحتهم ولّى إلى غير رجعة؛ فصحة الإنسان أغلى ما يملك بعد دينه. [email protected]