وهذا رأي واضح في شأن المتعدين على الأعراض، وهو للشيخ الدكتور/ قيس المبارك، عالم فذّ من النوع الثقيل وعضو في هيئة كبار العلماء تحدث لصحيفة الرياض (17 الحجة) الماضي، فقال: (إن مبتز الفتيات الذي يسعى إلى التعدي على حرمات النساء ونَشْر صُوَرِهنّ، وابتزازهن لأخذ أموالهن، فضلاً عن مساومتهنّ على أعراضهن، يُعد من أعمال الإفساد في الأرض، وهو من أشنع الذنوب وأقبحها)، وبين أن قبح هذا العمل يزداد وتشتد شناعتُه إذا حصل من رجل مؤتمن على أعراض الناس، كالطبيب المؤتمَن على أسرار الناس وأعراضهم، وكرجل الأمن المكلَّف بحفظ أمن المجتمع، وأعظم مِن هذا وذاك أن يقع مِن مستشار في هموم البيوت وشؤون الأُسر والخلافات العائلية، أو من طالب علم، فهذا من أبشع صور الخيانة للأمانة. والأهم من ذلك كله قوله: (يجب أن يُعاقب المسيء بابتزازه بما يُفضي إلى ردعه وردع أمثاله، فيُضرب ويُشهَّر به في الأسواق وفي المجالس ليُعرف ويُتَّقى شرُه، وقد أمر الإمام مالك رضي الله عنه بفضحه، بل كَرِهَ الستر عليه، لكفِّ أذاه عن النساء العفيفات، وفي هذا حفظٌ للمجتمع من إشاعة الفواحش). هذا رأي معتبر من عالم فطحل في وجوب التشهير بالفاعل الوالغ في أعراض الناس، فلِمَ لا يُطبق في الحال؟ هل يا تُرى تجد هذه الفتيا تأييدًا من الأغلبية في هيئة كبار العلماء؟ أم أنه رأي لأغلبية غير كافية للإقرار النهائي؟ وهل إقراره نهائي ملزم للقضاء؟ أم أن الأمر أصلا غير موكول بالقضاء، بل هو شأن الجهات الأمنية التي تقبض على المتهم، ثم تنفذ فيه الحكم بعد تصديقه؟ في بيانات القصاص بالقتل، تُعلن الأسماء ويُعلم الجناة فقط عند التنفيذ، أو عند سعي أحدهم لتحصيل فدية يطالب بها أهل الدم. وعدا ذلك يظل الحكم طي الكتمان بالرغم من بشاعة الجريمة! في دبي مثلا يُشهّر بالمعاكس فضلا عن المغتصب أو المبتز حتى يكون عبرة لغيره، وأحسب أنهم قد نجحوا في ذلك نجاحًا فائقًا مقارنة بما يجري في مجتمعنا، فما أكثر ما يُروى لدينا عن مجهول. [email protected] [email protected]