في زحمة العمل والالتزامات الأكاديمية بنشاطات المعهد الدولي للقانون الإنساني بسان ريمو بإيطاليا ومركز الحوار الإنساني والمعهد العالي للدراسات الدولية بجنيف، ومتابعة مشروعاتي البحثية والتطويرية كمديرة للمركز الدولي للدراسات الإستراتيجية والإعلام ببيروت، لم أتمكن من متابعة تفصيلية للصحافة في الأشهر الماضية، حتى أنني ولأول مرة لم أستطيع تلبية الدعوة لحضور فعاليات سوق عكاظ الماضية. واليوم وبعد انتهائي من مشاركتي العلمية في فعاليات الحلقة الدولية حول (القانون الدولي الإنساني في النّزاعات المسلحة) التي نظمتها جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية (20-22/12/1433)، قدمت فيها محاضرة حول (تعليم حماية الحقوق الخاصة للنساء والأطفال إبّان النزاعات المسلحة) بحضور ممثلين من عشر دول عربية، أجد بعض من الوقت للرد على تجاوزات أحدهم ممن يحتاج معرفة الحقوق والواجبات القانونية للصحافة والنشر. لقد فوجئت بمهزلة جديدة يندى لها جبين الثقافة والإعلام وبنفس سيناريو مقالة المنصوري السابقة (سنبلة وخمس عجاف) التي طالت بعض مثقفات الوطن ومرّت دون حساب. ونحن نعلم أن القيّمين الكرام على المضمون الثقافي لملحق الأربعاء بجريدة المدينة لا يقبلون بأن يكون هذا الملحق منبرًا لنقد ليس بثقافي يقارب العقل والعلم والأدب والضمير، بل لشتم وتطاول ونفث كراهية وحقد وغل. لقد فوجئت بكل أسف بثلاثة مقالات متتالية (أي مع سبق الإصرار والترصد) مكتوبة بمداد البغضاء والحقد وليس بحبر الأدب والنقد، لدرجة أن بلغ الأمر بالكاتب مبلغ تكفير ضمائر الناس وضميره الرخو وفق تعبيره. لقد ذهب عيد الحجيلي إلى ما ذهب إليه من كلام ينضح بغضًا وكراهية وحقدًا وعنصرية واستهزاء وسخرية خَلقية وخُلقية وحتى دينية والتي بكل تأكيد لن تمر مرور الكرام وستعرّضه حتمًا للمساءلة من قبل الجهات المعنية، والإناء بما فيه ينضح. ولفجاجة ما نضحت به مقالاته الثلاث سأكتفي بإيراد بعض من أقواله: يقول عيد الحجيلي -في سلسلة مقالاته الثلاثة المتوالية- ملهاة ربيع الزيف - بملحق الأربعاء بالتواريخ ( 9، 12، 16/ من شهر مايو 2012: (استرعى الاسم انتباهي، بجرس أحرفه، بنيته الصّرفية التي تُهايئ إحدى صيغ اسم الآلة. .نتيجة لاقتحام الأدب من خارج قيمته، والمباهاة الفارغة، والتطاول بالبهتان.. ممّن يفتقدون أبسط أولياته.. لكل من هب ودب من المستصحفين والمستصحفات والمراهقين والمراهقات.. لكأننا في منسك لا شعوري نمارس فيه هجمة تكفير مرتدّة.. ما أدّى إلى تخصيب الزيف، وتناسل الفجاجة،، منْ لا تفرق بين الشِّعر والشَّعر،، ولا تتقبّض إلاّ على قلم أنيق لتزييف حاجبيها.. وبالنظر إلى لغة تعقيب خنكار على باعشن يتوضّح أنها مثال ناصع لهذه النتيجة» وبرهان ذلك تلك العبارات الخرقاء»، والحولاء «والجوفاء « والعرجاء.. وأسلمها التي لا شِية فيها !!...) إلى آخر ما نضحت به مقالاته الثلاث. واستمر الحجيلي الذي لا عيد له في سلسلة تطاوله أيضًا على المشاركين بتلك الندوة الوطنية المصاحبة فوصفهم (بالجوقة الواهمة التي تتوفّز على ورم وألف ساق، يهرقون بقلم نويقد ضِلّيل) في إساءة صريحة لا تليق بضيوف وزارة الثقافة والإعلام، وواصل هجومه على منظمي المعرض وشكك في تنظيمهم.. كما تطاول واستهزأ واستخف بدعاء أهل الدين الصالحين. لا أدري كم من الأحقاد يحملها قلب وقلم هذا الكاتب والمستكتب ومن الذي يقف خلف بقايا ونفايات تنشر هنا وهناك كل يوم بأقلام هؤلاء وأمثاله على مسمع ومرأى من الرأي العام؟ وما هي دوافع شاعر قصائد الساندويتش -كما يلقبه بعض النّقاد- ليدافع عن زميلته باعشن وهي صحفية مثله تستطيع الرد إن شاءت على تعقيبي السابق على مقالها بجريدة الجزيرة؟ أم أنه وجدها فرصة ليكبر معتقدًا «أنه قد يضيف لنفسه نقاط ثلاث بمقالاته الرخيصة الثلاث ليرفع من رصيده الصحفي، فإذا هو يخسر من رصيد هزيل أصلا». عادة، يكتب الإعلامي للناس، للقراء أي للرأي العام، يقدم المضمون لعقل الناس وضميرهم لتقييم هذا النقد وإخضاعه للمعايير الأدبية والثقافية والعلمية. نثق بعقول مثقفينا السعوديين الذين يميّزون بين إعلامي يكتب بمداد أزرق موضوعي بنّاء، أو بحبر قد يكون يسيل من حساء عشاء أصفر. لذلك أترك المضمون المذكور آنفا للقراء الأعزاء لعقولهم وضمائرهم لتقييم نقد مقالات الحجيلي وإخضاعها للمعايير الأدبية والثقافية والعلمية وتقنياته المعروفة. إنه من العار أن يكون بين ظهرانينا من يحملون أقلام الثقافة والأدب ويكتبون بمداد الكراهية والحقد والحسد والغل ونسمح لهم أن ينفثوا سمومهم السوداء ويلوثوا بياض صحافتنا لمجرد أنهم قد استطاعوا بعد إصدار أو إصدارين وتنقلوا بين المناصب الإدارية والمنابر الإعلامية أن يصنعوا لهم مجدًا وقاعدة إعلامية عريضة، واستقطبوا الأضواء وجندوا الأقلام حتى خيّل لهم أنهم غدوا نقادا وحماة للأدب يحاربون كل صوت ويتطاولون على كل أحد. وتعاظم لديهم إحساس الزعامة والوصاية على الأدب والأدباء التي لا يقارعهم عليها أحد وتخولهم التطاول على الآخرين. هنا يبرز عاجلا دور وزارة الثقافة والإعلام ووزيرها حامي الأدب ببلادنا، معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محي الدين خوجة للتدخل ووضع المعايير العلمية والموضوعية لمن يريد أن يكون له صفة ناقد أو كاتب، بهدف قطع دابر كتّاب الكراهية والأحقاد المسبقة الدفع من أطراف منهزمة النفس والضمير. فثقتنا بمعاليه كبيرة، وهو الرجل المدرسة الذي نتعلم منه احترام الرأي الآخر مهما اختلفت وجهات النظر. لقد غمرني معاليه بجليل تقديره في اتصال هاتفي وشكرني على إصداري الوطني (سيمفونية الربيع)، وتوجيهه الكريم لسعادة وكيل الوزارة الدكتور ناصر الحجيلان لرعاية الندوة الوطنية بالنيابة عنه التي تم تنظيمها من ضمن الفعاليات المصاحبة للمعرض الدولي للكتاب. ذلك لأن معاليه يؤمن أن حب الوطن لا استثناء فيه ولا مستثنى. وقد بذل مدير المعرض سعادة الدكتور صالح الغامدي جهودًا كبيرة ومشكورة لترتيب الندوة، وكذلك الأستاذ محمد عابس منظم الإيوان الثقافي. وعمّا قريب سأحتفي بتدشين إصدارين أدبيين تضاف إلي سلسلة إصداراتي الأدبية الخمسة السابقة إلى جانب أبحاثي وإصداراتي العلمية، وأول توقيع سيكون إهداءً خاصًا مني لشاعر قصيدة الساندويتش. إن النداء ملحّ اليوم للمؤسسات القانونية والحقوقية التي أوكلت الدولة إليها مهمة حماية كرامة وحقوق الإنسان وحقوق الصحافة والنشر وحماية المواطنين جميعا دون محسوبية أو تمييز، والتدخل الحاسم والعاجل لمحاسبة أمثال هؤلاء الذين يتجرؤون ويتطاولون على الآخرين بلا خوف ولا حياء، معتقدين أنهم سيفلتون من العقاب في كل مرّه. لقد آن الأوان لوضع (ميثاق الشرف الاعلامي) أسوة بالمجتمعات المتقدّمة، وإلزام كل من يكتب في الاعلام أن يحترم الميثاق في خصوصية تراعي الأخلاق والقيم الاسلامية السمحاء. أهلا بالنقد العلمي الموضوعي في إطار التقنيات.. وليعد الشاعر إلى مملكة الشعر السعيدة ملكًا أم وصيفًا» أم ماشطًا» أم حارسًا، أم شاعر ساندويتش، لا فرق، المهم أن يترك النقد لأهله. وأخيرًا إن وقتي ووقت القارئ الكريم أثمن من أن يضيع في القراءة والرد على مثل هذه المقالات الرخيصة، ولن أهدر المزيد منه مستقبلا. فوقتي لا يسمح بتبديده في هكذا شأن، كما أنني أثق أن إدارة تحرير جريدة المدينة الموقرة لن تسمح بتكرار هذه المهازل حتى لا يقال عن شاعر قصائد الساندويتش «من أمن العقاب أساء الأدب». والله الهادي إلى سواء السبيل. (*) كاتبة وباحثة . مديرة المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية والإعلام/ بيروت.عضو المعهد الدولي للقانون الإنساني، سان ريمو - إيطاليا.