حظيت خطوة مجلس الشورى بالموافقة على نظام صندوق الاحتياطي الوطني والمكون من 18 مادة، بترحيب اقتصادي وشعبي واسع، ويهدف المشروع إلى وضع إطار تنظيمي جديد محدد لتجميع وإدارة فوائض الاحتياطات المالية التي تنتج كل سنة من ميزانية الدولة وإدارتها بصفة مستقلة تحت إشراف المجلس الاقتصادي الأعلى، ورقابة مجلس الشورى، ما يساهم بتحقيق فوائد اقتصادية وعوائد مالية منتظمة للأجيال القادمة، وحسن استثمار للفوائض المالية للدولة. جاءت أهمية هذه الخطوة، مع التغيرات الكبيرة التي شهدتها أسعار النفط في العام الحالي ويتوقع تحقيق المملكة إيرادات قياسية تتجاوز 1.1 تريليون ريال، وفي الوقت الذي تساهم عائدات النفط بنسبة 90% من إيرادات الميزانية العامة للدولة، وهي نسبة عالية المخاطر نظراً لتذبذب اسعار النفط، ولا تستهلك الميزانية الحالية للمملكة سوى نصف هذا الدخل، هذا لو صرفت كل وزارة كامل مستحقات مشاريعها التي غالباً ما تتعثر أو تؤجل. مقابل ذلك تشهد الساحة الاقتصادية السعودية ثلاثة تحديات: أولاً السيطرة على معدلات البطالة المقلقة خاصة بعد انتهاء حافز، بعدد يتجاوز المليون ونصف المليون مستفيد، ما يرفع المطالب بتوفير حلول عاجلة لاستيعاب هذه الأعداد الكبيرة في سوق العمل، وضغوطات وزارة العمل لتفعيل نطاقات، وفرض ضرائب على المخالفين، بعد أن بلغت نسبة العمالة الأجنبية 91%. ثانياً تحذيرات صندوق النقد الدولي أن الانفاق في دول الخليج أكثر من المستوى، الذي يتماشى مع السحب العادل من الثروة النفطية، وأكد الصندوق ضرورة أن تكون خطة الحكومات الخليجية مرنة في تقييم المزايا الاجتماعية، لدعم استقرار ميزانياتها إذ أن الفائض المجمع الذي تحققه يمكن أن يتحول إلى عجز في 2017. ثالثاً الاستهلاك الجائر للطاقة، بعد تأكيدات وزارة البترول بأن مستوى كفاءة استخدام الطاقة في المملكة يعد من أدنى المستويات العالمية، وتوجد كميات من الطاقة مهدرة أو يساء استخدامها وهو ما يتطلب استخدام برامج ترشيد عالية الكفاءة، خصوصاً بعد تقرير سيتي جروب المتشائم بأن المملكة، بهذه المعدلات، ستصبح مستوردة للنفط عام 2020. كل ذلك يعني أن مشروع الصندوق السيادي للأجيال القادمة ضرورة ملحة، لتنظيم الفوائض بطرق اقتصادية، تجنبنا مخاطر التحديات القادمة.