من الصعب الانطلاق بسرعات كبيرة بالسيارة في شوارع مدينة غزة الضيقة، وبالتالي فإن سيارة «السيدان» التي كانت تحمل احمد الجعبري كان من السهل تعقبها من أعلى حيث كانت تسير متخطية حافلة صغيرة واتجهت نحو تقاطع هناك حيث داهمها الصاروخ الإسرائيلي.. دقائق بعد الساعة الرابعة من ظهيرة يوم الأربعاء الماضى وتركت نيران الهجمة آثارها على الأشجار في جانبي شارع عمر المختار وقتلت رئيس جناح حماس العسكري معلنة بذلك الحملة الإسرائيلية العسكرية من حيث التكتيك بدت وكأنها صادفت نجاحًا ساحقًا. أولا: كان هناك خدعة، ففي الساعات التي سبقت موجات هجمات الطائرات الحربية والطائرات بدون طيار التي بدأت بإطلاق النار في قطاع غزة، كان قادة إسرائيل العسكريون والمدنيون يتظاهرون بأنهم يبدون اهتماما كبيرا بالحدود مع سوريا «مرتفعات الجولان المحتلة» حيث سقطت قذائف طائشة في وقت سابق من الأسبوع الماضي، مما دفع إلى أول تبادل لإطلاق النار منذ عام 1973، أما في غزة فكان من المفترض على الدولة العبرية أن تراقب أحدث وساطة لوقف إطلاق النار لإنهاء أحدث جولة من إطلاق الصواريخ نحو مناطق إسرائيل الجنوبية، ورد إسرائيل على تلك الصواريخ بإطلاق النار على غزة، وعلى الرغم من تسارع وتيرة الهجمات والهجمات المضادة في الأسابيع الأخيرة، إلا أن الهجوم والرد عليه كان من الإيقاعات التي اعتاد عليها الطرفان على مدى السنوات الخمس الماضية واستبعدت حماس أي هجوم على القطاع الساحلي لكن عند الظهيرة يوم الأربعاء، أصبح هناك توتر في غزة فصوت الطائرات الإسرائيلية بدون طيار زاد من حدة التوتر، وأظهرت الصدمة التي تلقتها حماس باغتيال الجعبري أن المفاجأة في غزة كانت عميقة ما تبع ذلك كان بالتأكيد مذهلًا.. موجة من البرق تمثلت فى 20 غارة جوية إسرائيلية أخرى، كانت تستهدف الأنفاق ومستودعات تخزين منصات إطلاق صواريخ (فجر 5).. وذكر مسؤول عسكري إسرائيلي لمجلة تايم إن الضربات دمرت سبعة من الصواريخ «إيرانية الصنع» وهو العدد من الصواريخ الذي يعرف الإسرائيليون بوجوده داخل قطاع غزة، وكان صاروخ (الفجر-5)هو السلاح الأغلى بالنسبة لحماس وهو الذي يحظى بحراسة مشددة وهو من ناحية أخرى الصاروخ الوحيد القادر على الوصول إلى تل أبيب، وهكذا تغيرت شروط الأزمة المتفق عليها، ومع كل ما قاله العسكريون الإسرائيليون من ضربات استباقية فمن الواضح أن أكثر من سبعة صواريخ (الفجر5) سقطت في إحدى ضواحي تل أبيب بعد ظهر يوم الخميس وبعد فترة وجيزة من حلول الظلام دوى انفجار كبير حيث سارع الناس في ميناء يافا القديم إلى دخول بيوتهم.. وكانت الصواريخ قد سقطت داخل حدود مدينة تل أبيب تمامًا وقال رجل كان يقود دراجة لصحيفة تايمز بالقرب من شارع كيديم إن صاروخًا سقط على الشاطئ بالقرب من الكورنيش ومركز بيريز للسلام على الحدود الجنوبية من مدينة تل أبيب.. وكانت آخر مرة تعرضت فيها تل أبيب لمثل هذا الهجوم في عام 1991، بواسطة صاروخ سكود العراقي الذي أطلقه وقتها نظام صدام حسين. وهزت صفارات الإنذار تل أبيب وكان من المؤكد أن تزيد هذه الهجمات الصاروخية من هجمات إسرائيل على غزة وتعهد وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك بان الجانب الآخر سيدفع الثمن باهظًا جراء التصعيد وتستعد قوات الدفاع الإسرائيلية لهجوم بري شامل ويأمل مسؤولون إسرائيليون ألا يتم لكن الضربات الجوية وقذائف الدبابات تجاوزت المائتي ضربة خلال الأربع والعشرين ساعة التي تلت انطلاق الصواريخ على تل أبيب بناء على معلومات من الجيش الإسرائيلي. وستستمر الضربات مستهدفة مواقع التخزين العسكري في غزة والعودة للأهداف السابقة وتعقب المقاتلين فيما وصفه ضابط عسكري كبير بأنه (استنزاف) ولن تنتهي العمليات في أيام قليلة حسب ما ذكره هذا الضابط لمراسلنا بل ستستمر الحملة ربما لأسبوعين أو ثلاثة.. هذه العمليات لن تنتهي سريعًا. الهجوم على غزة بالنسبة لإسرائيل له أهداف عديدة والهدف المباشر هو تخويف «الإسلاميين» الذين يعملون خارج القطاع الساحلي وحماس التي تحكم 1.6 مليون من الفلسطينيين هناك منذ عام 2007 ورسالة إسرائيل هي: «المقاومة لا تجيلخص العبارة دفاع عن الدولة اليهودية يلخص العبارة في كلمة واحدة هي «الردع»، والمحافظة على ذلك نقطة أساسية في عملية الدفاع، والجيش الإسرائيلي يطلق على تلك العمليات مسمى (الحملة) باللغة الإنجليزية.