أيَّام قلائل وتنطلق مناسبة غالية على أبناء هذا الوطن المعطاء ، وأبناء العالم الإسلامي في مختلفة أرجاء المعمورة ، وذلك باختيار " المدينة المنوَّرة " عاصمة للثَّقافة الإسلاميَّة للعام 2013م وهذه المناسبة تنقَّلت بين عواصم ومدن عربيَّة عدَّة في مختلف أرجاء الوطن العربي ، وشهدت عرساً للثَّقافة في كل تنقُّلاتها ، ولا غرابة في ذلك، فالكل يحتفل بما يحب في كل ميدان من الميادين العلميَّة أو الفكريَّة أو الاجتماعيَّة أو السياسيَّة أو حتى الرياضيَّة !! أفلا يكون للثقافة احتفال وعيد !! أفلا يحتفي المثقفون بعرسهم الثَّقافي بعد أن أصابهم العطش لمثل هذه المناسبات ، التي تضيء سماء الفكر والثَّقافة والأدب !! هذا جانب . وأمَّا الجانب الآخر فيتمثَّل في تتويج " المدينة المنوَّرة " عاصمةً لهذا الاحتفال ، ولا غرابة في ذلك، فهي قبل أن تكون عاصمة الثَّقافة هي عاصمة الإسلام الأولى ، ومأرز الإيمان ، ومهاجر النَّبي الكريم - صلَّى الله عليه وسلم- ومنها انبعثت الكلمة المؤمنة لتخالج الوجدان، وتأخذ بمجامع القلوب، فيستنير الكون بضياء الوحي ، ويشعُّ الوجود بنور الإيمان ، إنها أرض الهدى والقداسات التي قال شاعر المدينة عبيد مدني في قصيدته التي أسماها " الرَّوضة النبويَّة الشَّريفة " : القَدَاسَات والهُدَى والجَلَالُ والعِنَايَاتُ والسَّنا والجَمَالُ والطَّهَارَاتُ والمُنَى والتَّجلِّي والشُّعَاعَاتُ والجدى والكمالُ كُلُّها هَا هُنَا وإليْهَا ترحلُ النَّفْسُ والحِجَى والسُّؤالُ تَتَرامَى على ثَرَاهَا وتَرْجُو في حِمَاهَا ألَّا يَخِيبَ المآلُ "رَوْضَةٌ" دونها ذَوَى كُلُّ رَوْضٍ وَمَعِينٌ ومَا سواها آلُ تَطمئنُّ النُّفُوسُ فيها وتصفُو ويسودُ القَبُولُ والإِقْبَالُ لقد اكتسبت الثَّقافة الإسلاميَّة وجودها وكينونتها وترعرعت في أرض طيبة، فسارت منطلقة تبلِّغ رسالة الحق ، وترفع راية الإيمان ، وتوسِّع دائرة العقل الإنساني وتخرجه من النَّظرة الضَّيقة للدُّنيا إلى التَّفكير في ملكوت السَّماوات والأرض ، والتَّطلُّع إلى الجنَّة والفوز برضوان الله -عزَّ وجلَّ- . إنَّ الثَّقافة ستظلَّ تدين لمن أنار لها الدَّرب ، وأضاء طريق المجد ، وجعلها ترتبط بخاتمة الأديان ، وتسير على منهاج أشرف الرُّسل صلَّى الله عليه وسلَّم الذي علَّمها الدِّين الخالد ، وجعل النَّاس فيها باختلاف ألسنتهم وألوانهم سواسية لا فضل لأحدهم على أحد إلَّا بالتقوى ، بل لقد رسَّخ بينهم المودَّة والرَّحمة ، ووطَّد دعائم الحبِّ في الله والتَّآخي فيه ، وهو ما أفصح عنه أحد شعرائها المعاصرين ، الذي أطلق على " طيبة الطيِّبة " تلك الملامح ، فهي التي انطلقت من على ثراها تباشير الإيمان ، ورايات الهدى والعدل ، يقول الشاعر محمد هاشم رشيد : مَدِينَةُ "الحُبِّ" و"الإِيثَارِ" يَا حُلُماً تَهْفُو إليهِ الرُّؤى مِنْ سَالِفِ الأَمَدِ مَازِلْتِ في جَبْهَةِ الدُّنْيَا مُنَوَّرَةً والمَكْرُمَاتُ يَدٌ مَوصّولَةٌ بِيَدِ حَمِلْتِ لِلكَونِ رَايَاتِ الهُدَى فَغَدَتْ كَالغَيثِ مِنْ بَلَدٍ يُفْضِي إلى بَلَدِ هنيئاً للثَّقافة والمثقفين احتفالهم في عاصمة الدعوة الخالدة وعاصمة الإسلام الأولى ، ودعوات صادقة بنجاح كبير للفعاليات التي تقام بهذه المناسبة التاريخيَّة. * الجامعة الإسلامية – المدينة المنوَّرة Mh1111m@ : تويتر [email protected]