هذه العبارة يقولها بعض الناس حينما يُناصح في الله لوقوعه في خطأ سيما في صفوف الشباب، فإذا نُوصِح في الله وبُيّن له أن فعله خطأ قال: أنا حرٌ أو أنا حرٌ في تصرفاتي. هذه الكلمة ليست صحيحة على اطلاقها، فالانسان في أصله حر لا يستعبده الا ظالم مستبد، قال عمر رضي الله عنه «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟!» السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي (1 / 410). لكن هذه لحرية مقيدة بحدود الشريعة التي تكفلت بخيري الدنيا والآخرة، فالحرية المطلقة ليست حرية، بل هي فوضى وانفلات وبهيمية. والله سبحانه وتعالى حد لنا حدودا لضبط هذه الحرية لجعلها حرية سعادة لا فوضى انفلات وشقاء. قال تعالى (تلك حدود الله فلا تقربوها) وقال تعالى (تلك حدود الله فلا تعتدوها) «(فَلا تَقْرَبُوها) أى انتبهوا فلا تقربوا حدود الله فضلا عن تجاوزها، فقد نهى الله سبحانه المسلم أن يقرب الحد الحاجز بين الحق والباطل لئلا يقترب من الباطل فضلا على أن يتخطاه كما قال عليه السلام (ان لكل ملك حمى وان حمى الله محارمه فمن رتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه» روح البيان. ولذلك يعلم أن من تعدى وتجاوز حدود الله فقد خرج من عبودية الله السمحة الحكيمة ووقع في عبودية الهوى والشيطان المقيتة. ولذلك نشاهد ونسمع عن المصائب والويلات التي تكتوي بها المجتمعات التي أحذت بمفهوم الحرية المطلقة التي سامتها سوء العذاب والحياة التعيسة. قال الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله: قول القائل (أنا حر في تصرفاتي) خطأ، فهو ليس حرًا في معصية الله، بل إنه إذا عصى الله فقد خرج من الرق الذي يدعيه في عبودية الله إلى رق الشيطان والهوى. قال الامام محمد بن جرير الطبري في تفسيره (22 / 75): قوله تعالى (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ) فقال بعضهم: معنى ذلك: أفرأيت من اتخذ دينه بهواه، فلا يهوى شيئا إلا ركبه، لأنه لا يؤمن بالله، ولا يحرِّم ما حَرَّمَ، ولا يحلل ما حَللَ، إنما دينه ما هويته نفسه يعمل به.