يميل العديد من شباب محافظة تربة في فصل الشتاء إلى إحياء التراث وعادات الآباء والأجداد، بالخروج إلى البر، ونصب الخيام، أو الذهاب إلى الاستراحات وبيوت الشعر، فيجمعون الحطب، ويشعلون النار، ويتسامرون حولها، كما يحولون وجبة العشاء الخفيفة إلى وجبة دسمة، ويكثرون من تناول السوائل الحارة من أجل الحفاظ على حرارة الجسم والشعور بالدفء في الأمسيات الباردة. «المدينة» التقت عددًا من شباب المحافظة، الذين اعتادوا على طلعات البر وشبة النار، للتعرف منهم على تلك الهواية وما يمارسونه من نشاط في تلك الطلعات الشتوية. يقول الشاب سعد البقمي: رغم التطور العمراني وتوفر جميع وسائل الراحة والتدفئة الا أن الكثير من الشباب يسوقهم الحنين للماضي وتعود بهم الاشواق إلى حياة الاباء والاجداد الراسخة في الوجدان، فيستعدون منذ وقت مبكر لفصل الشتاء، فمنهم من يقوم بإنشاء ملحق خارجي في فناء المنزل على الطراز القديم يبنيه من الطين ويسقفه بخشب الاثل وجريد النخل، ويزينه بالادوات التراثية القديمة، ويوضع فيه مكان مخصص لشبة النار يسمى الوجار، يشعل فيه حطب السمر وهو أجود انواع الحطب حتى يخيل لمن يجلس فيه بأنه من المنازل الطينية القديمة في المزارع، في ذلك فوائد كثيرة فهو يعرف الاطفال وجيل اليوم على طريقة حياة الاجداد وبساطة تصميم وبناء منازلهم الطينية التي تتميز عن غيرها من البيوت بأنها دافئة في الشتاء وباردة في الصيف. وقال الشاب نهار البقمي: اتجهت ومجموعة من الشباب مع دخول فصل الشتاء للخروج إلى البر ونصب خيمة نجتمع فيها خلال وقت الفراغ، وخصوصا عطلة نهاية الاسبوع في جو خال من التوتر والضغوط النفسية وعناء الحياة اليومية، قمنا تجهيزها جميع اللوازم الضرورية وحرصنا على أن يكون تجهيزها بأدوات قديمة وأن يكون اعداد الطعام على النار نجلس حولها نتسامر ونجهز الزنجبيل والقهوة والشاي على الجمر وناكل خبز البر المجهز على الجمر مع السمن والعسل، ونكثر من المشروبات الساخنة التي تمدنا بالدفء ثم بعد ذلك نتسامر حول النار ونفضل سرد القصص القديمة التي تحكي حياة الماضي وبالاخص قصص الصيد الوفير في المنطقة وكيف كانت مليئة بالغزلان والارانب والحيونات المفترسة وبعد الانتهاء نقوم بممارسة بعض الالعاب القديم مثل المقطار والضاع اضافة إلى لعبة الكيرم، ونجد في هذه الحياة البسيطة الهادئة متعة كبيرة لانها تمزج بين حياتنا في الحاضر وحياة الاباء والاجداد في الماضي. واضاف الشاب خالد البقمي أن معظم الشباب مع دخول فصل الشتاء يفضلون الخروج للبر في الخيام وبيوت الشعر ينصبونها في اماكن دافئة ويحرصون على اشعال النار والالتفاف حولها يتجاذبون اطراف الحديث ويقومون باعداد اكلاتهم بأنفسهم على النار، مشيرا إلى نظامهم الغذائي يتغير كليا حيث تتحول وجبة العشاء الخفيفة إلى وجبة دسمة تمدنا بالطاقة وتساعدنا على تحمل ومقاومة البرد ومن اهم الاطعمة التي نعدها ونتاولها في طلعات البر الجريش وقرصان البر المدفونة في الجمر والتي تعرف بقرص الملة والمراهيف وقرص الصاج. وتحدث فايح البقمي قائلا: لا يمكن لنا أن نعيش معزولين وبعيدين عن حياة الماضي أو نعيش دون الرجوع إلى ما كان علية الاجداد فمع حلول فصل الصيف نتسابق لاستئجار الخيام وشراء مستلزمات الرحلة البرية التي في الغالب تستغرق عدت ايام نخرج خلالها في المناطق الصحراوية الخالية تماما من السكان ونحرص على أن تكون الاجواء هادئة ولا يوجد بالقرب منا ما يزعجنا أو يكدر صفو طلعتنا ونقضي اجازة نهاية الاسبوع في البر ننام مبكرا ونستيقظ لصلاة الفجر ثم نقوم بإشعال النار وتجهيز القهوة والشاي وبراد الزنجبيل وقرص البر مع السمن والعسل وبعد وجبة الافطار نذهب في نزهة قريبة ونمارس هواية الصيد ثم نعود ونقوم بالتجهيز لوجبة الغداء والتي تكون في الغالب من الأرز واللحم أو لحم الطيور التي نصطادها كما اعتدنا، وفي المساء نشعل النار في الوجار داخل الخيمة ونجلس حولها نتمازح ونتسامر بعفوية وبساطة كاسرين بذلك روتين الحياة اليومي وما يشهده من رسميات وتكلف بعيدا عن هموم الحياة العصرية من اسواق واسهم ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها فهذه الجلسات العفوية البسيطة الخالية من الضغوط النفسية تجعلنا نشتاق للحياة القديمة والبسيطة بعيدا عن تلوث المدن وصخبها. الشاب عادل البقمي تابع بقوله: يغير معظم الشباب السعودي طريقة حياته وبرنامجه الغذائي في فصل الشتاء لاعتبارات تتعلق بطبيعة الغذاء وتاثيره على الجسم حيث يميل الشباب إلى طلعات البر والتدفئة باشعال النار يتناولون المرقوق والمعصوب اضافة إلى المشروبات الدافئة مثل الشاي بالقرفة والزنجبيل والحلبة وهذه الطريق توارثوها عبر الاجيال وحرص الشباب على احيائها في فصل الشتاء.