أمام مدفئة حديثة، حيث تحتضنك أريكة دافئة.. تأخذك الأفكار ملياً والاستفهامات تتعدد: ما هي معاناة أجدادنا في تهيئة وسائل التدفئة في الصحراء، وكيف هي الآن؟.. بداية تجيب "تهاني راشد" عن ذكريات طفولتها مع جدتها -رحمها الله- التي طالما أتحفتهم بحكايات الماضي، وتقول كما روت جدتي كان لهم مسكن في الشتاء وآخر في الصيف الذين يعدون فيه العدة للبرد القارس، حيث يقومون بتقطيع الأشجار التي شاخت لطول عمرها، أو لأسباب بيئية قاهره أجبرتها على الجفاف والموت، ويقومون بتخزينها في الكهوف المتواجدة بالقرب من منزلهم الشتوي الذي يختار عادة بالقرب من منطقة مرتفعة؛ يلجأون لها عندما تجري السيول وتشتد الأمطار ويشعلون النار للتدفئة وطهو الطعام ويقتصدون في استخدام الحطب، وهو ماحصلوا عليه من تقطيع أخشاب الأشجار لفترة طويلة ومن أماكن متعددة وبعيدة. وتحكي لنا "أم حمدان الشامان" طريقتهم قديما في التدفئة لاتقاء برودة الشتاء القارس الذي تعرف به المناطق الشمالية من المملكة، فتقول: "قديماً كان الناس يعتمدون على الحطب في إشعال النار في جزء من بيت الشعر يسمى "الشق"، حيث يغلق في أوقات البرد الشديد للحفاظ على دفء المكان, مشيرة إلى أن أفضل أنواع الحطب المستخدم في إشعال النار هو حطب "السمر" و"الرتم"، حيث يوقدون النار بقش الرتم الصغير والذي يسمى "الغف"؛ بسبب عدم توفر قديماً الكاز ولا الكبريت. وأضافت أن من الطرق المستخدمة في إيقاد النار "ضرب حجر المرو"، وهو حجر أبيض يخرج منه شرار في حال ضرب حجرتين مع بعضهما البعض ويوضع بينهما قطعة قماش صغيره تسمى "عطبه"، وتشتعل بها النار ثم توضع على "روث الإبل" ويوقدون به الحطب, أيضاً قد توضع تلك العطبة في وسط "الحنظل" الرطب وبعد أن تندلع به النار توضع وسط الحطب لإيقاده، موضحة أنه بعد اختراع الكبريت أصبح أسهل في إشعال النار، وكان الناس قديماً في حال عدم تواجد الحطب لديهم يلجأون للنوم وسط خرافهم طلبا للدفء، ولعل ما يميزنا قديما عن الآن هو التفافنا حول النار وقت السمر كبيراً وصغيراً نصنع الخبز, ونتحادث ونتسامر ونحكي القصص المسلية والمفيدة لأطفالنا حيث كان اتصالنا بهم أكثر مما هو عليه الآن. نعمة الكهرباء وتضيف "أم غازي": رغم مانحن فيه من نعمة الكهرباء التي أضاءت كل ماحولنا وأدفأت حياتنا, فمازالت الطرق التقليدية متواجدة مثل إشعال النار في الحطب أو"الفحم" وهو خلاصة إشعال النار في كمية كبيرة من الحطب، وقبل أن تصل لمرحلة الاحمرار الشديد يقومون بإطفائها ويتم تخزينه والاستفادة منه وقت الحاجة، ويستخدم اليوم في مشباتنا الحديثه وسط زخم الكهرباء المتواجدة في كل مكان وفي كل بيت. أما "عفنان" -صاحب أبل ورث تربيتها والاهتمام بها من أجداده-، يقول: لايطيب مذاق الشاي إلاّ على نار "الجله" وهو مخلفات روث الإبل بعد جفافها، وهذه الطريقة تستخدم قديماً للتدفئة، وظهر الكاز فأوقد الفانوس للاضاءة ومدفأة الكاز للتدفئة رغم رائحتهما وحاجتهما الدائمة للتعبئة. وتقول "سماح علي": ولدت في عهد الكهرباء وأحاطتني المدافئ بأشكالها المتعددة والمكيفات الساخنة والتدفئة المركزية والمدافئ المعدنيّة التي تعمل بالكهرباء أو الكاز أو الغاز، ثمّ تطورت إلى استعمال التدفئة المركزيّة التي تدفئ جميع غرف المنازل والمكاتب بواسطة أنابيب تتوزع في جميع أرجاء المنزل، فالحمد لله على مانحن فيه من نعمة.