تحت ظل شجرة وارفة أمام دكان بسيط وجدناهم يتجاذبون أطراف الحديث، يغسلون همومهم بالدعابة والضحك والذكريات التي لا تخلو من الآلام.. أعمارهم جميعاً فوق السبعين، وترتسم على جباههم علامات الزمن الذي ترك في رؤوسهم شيبا، وعلى وجوههم بصمات السنين. في ثربان التابعة لمحافظة المجاردة (200 كم غرب منطقة عسير)، محطة الإلهام والانخراط بفئات المجتمع ومختلف الأعمار.. ومن هذا المقهى تلتقي فئات من المجتمع الجبلي، منابر اجتماعية وتداول الذكريات والتراث.. رواة لا يفارقهم لحظة انتباه المرتادين الذين ينجذبون لحكاياتهم الشيقة.. يرشدون ويوجه ويعطون العظة والعبرة من مختلف القصص والحكايات. وفي أحد الأركان اجتذبنا موقع لكبار السن، لفت انتباهنا في جلستهم، ممارستهم لإحدى الألعاب الشعبية، فسألنا أحد المرافقين عنها، فقال أنها لعبة تسمى «لعبة الطيبان»، وكانت منتشرة بين رعاة الأغنام في الماضي، وهي عبارة عن أعواد يضرب بعضها ببعض وتسقط أرضاً، وهم يتحمسون في لعبها كثيرا، حيث يرددون بعض الكلمات بأصوات مرتفعة: «أرحب أرحب.. ست ست.. واحد واحد».. وقال أحد مرتادي المقهى أنهم متمرسون في لعبها، وتعتبر من طقوسهم اليومية.. حيث تبدأ جلساتهم في العصر، وتبدأ معها المباراة في هذه اللعبة الشعبية يومياً، حيث يقضون أوقاتهم من الصباح حتى الظهر، ومن بعد صلاة العصر إلى ساعة متأخرة من الليل. يقول احد ممارسي تلك اللعبة: أننا أدمناها ولا يمكن ان نستغني عنها، فليس لدينا ما يشغلنا غيرها، حيث تسلينا وتضيع وقتنا. وحول طريقة اللعب يقول العم عبدالله: يشارك في تلك اللعبة شخصان أو 4 أشخاص، حيث نرسم مستطيلا على الأرض يضم 48 بيتا، لكل لاعب 24، ويستخدم كل لاعب أربعة أعواد، مقتطعة من شجر المنطقة، طول كل عود 15 سم، تضرب الأعواد ببعضها ثم تلقى على الأرض، وفي حال سقطت ثلاثة أعواد مقلوبة، أصبح من حق اللاعب تحريك حجارته خطوة للأمام، وحين يأتي حجر اللاعب على حجر الخصم، يقوم الخصم بإخراج حجره حتى نهاية اللعبة.