في المملكة نماذج متعددة للتعليم العام الأجنبي ممثلًا فيما نسميه (المدارس العالمية). وفي وقت مضى كانت هذه المدارس محظورة على المواطن إلاّ بعد استثناءات تصدر بشق الأنفس، أو بوجاهة الواسطة. طبعًا كان ذلك كله يدخل في باب فرض الوصاية الرسمية حتى لا (يتأثر) النشء بمحاولات التغريب ومعاول الهدم، وكأن لهم عقولاً كرتونية تنحرف عند أول مواجهة مع الفكر الآخر، بالرغم من تلقينهم علوم العقيدة والدين والوطنية وغيرها طوال سنوات عديدة. وفي كثير من هذه المدارس تتخرج عينات (تخزي) العين، وتبهر السامع بحسن أدائها، وجودة تحصيلها، وتكامل شخصيتها. وذكر لي زميل عزيز حضر مقابلة شخصية لتقويم بعض خريجي هذه المدارس الأجنبية ممّن رغبوا في الالتحاق بكليات طب أهلية، ذكر لي أنه انبهر بقدرات هؤلاء الطلبة، وقوة استعدادهم للإجابة، ليس على أسئلة في المنهج العلمي، وإنما بأخرى ترتبط بالمجتمع والحياة والشخصية. ومن هنا يسعى كثير من أولياء الأمور السعوديين إلى إلحاق أبنائهم بالمدارس العالمية ذات السمعة الحسنة التي لا تجامل ابن فلان وعلان، حرصًا على رسوم الاشتراك الباهظة، خاصة (وأقولها للأسف الشديد) إن كان الملاّك مواطنين يحسبون للكسب المادي ألف حساب على حساب التربية الأخلاقية، وجودة المخرج، مع وجود استثناءات قليلة نادرة. باختصار أقول إن التعليم العام بعد طول عناء منح من شاء من المواطنين خيار تقديم وجبة تعليمية مختلفة لابنه أو ابنته. بقي للتعليم العالي أن يتخذ خطوة مماثلة، وألا يمرّ بنفس فترة الممانعة التي مر بها التعليم العام قبل أن يفتح الباب لمن شاء بالشروط الموضوعية المعقولة التي لا اختلاف ولا خلاف عليها. ولئن كنا نسمح لعشرات الألوف من أبنائنا وبناتنا بالدراسة في الخارج دون خوف أو وجل، ومع ثقة كاملة فيهم، فإني أحسب أن الوقت قد حان كي يُسمح (للمؤسسات التعليمية العالية المستوى) بالقدوم إلى بلادنا لتقديم (تعليم جامعي) مختلف، شريطة أن يكون نوعيًّا، وجادًّا، وغيرَ ساعٍ إلى الربحية بالمفهوم التجاري الرديء. وأمّا الأمثلة والنماذج فكثيرة، ولعلي أتناول أحدها غدًا بإذن الله تعالى. [email protected] [email protected]