في نجران رفع بعض المواطنين شكوى ضد إدارة تعليم البنات هناك لأن بناتهم استبعدن من وظائف التعليم، في حين تم تعيين أخريات من خارج المنطقة، بعد أن زُوّرت لهنّ شهادات تثبت إقامتهن في المنطقة مقابل عشرة آلاف ريال لكل إثبات زور. طبعًا هذا التزوير عرضة للتكرار في معظم مناطق المملكة، فالوظائف التعليمية عزيزة، ونادرة، والذمم واسعة، والكعكة محدودة، واللعاب سائل يريد قبض الوظيفة بأي ثمن كان، وشرط الإقامة ابتدعته وزارة التربية والتعليم منذ زمن طويل تفاديًا لسيل طلبات الانتقال من مناطق بعيدة مثل نجران وغيرها إلى حيث الأسرة أو الزوج، أو حتى المدينة الكبيرة. الوزارة معذورة لأن ضغوطًا هائلة تجبرها في النهاية على الرضوخ لوساطة فلان، وتوجيه علان، ووجاهة زعطان. وعملية النقل وحدها لا تسلم من فساد مالي عريض، كما هو حال الشكوى المشار إليها في أول المقال، فالمال الحرام لدى البعض انقلب أصلاً، والحلال استثناء. وكم من القصص التي تُروى عن رشاوى تُدفع مقابل خدمات أقل هي في الأصل من حق المواطن الضعيف خاصة! أعود إلى إثبات منطقة الإقامة الدائمة التي لا بد من معالجتها بآلية حضارية أفضل من الآلية الحالية المعتمدة على إثبات وشهود وأوراق يسهل تزويرها والعبث بها. ومرة أخرى نشير إلى الغرب، وكذلك الشرق المتقدم، حيث يلزم كل مواطن يحمل هوية وطنية تسجيل عنوان السكن، وتحديثه باستمرار في حال انتقاله من دار إلى دار، أو من مدينة إلى أخرى. والقانون له بالمرصاد إن لم يفعل. واليوم وبفضل عناوين (واصل) المسجلة عبر الأقمار الصناعية، يمكن تسجيل أي عنوان في (أي حتة) لأي (شخص) -مواطنًا ومقيمًا- وكذلك يمكن التحقق باستمرار من أصحاب العمائر السكنية، ومطالبتهم بتزويد الجهة المختصة بصور من عقود الاستئجار، وإشعار الجهة نفسها بأسماء الذين غادروا الأعيان المؤجرة، سواء كانت وحدة سكنية أو تجارية. وعندها تنعدم الحاجة إلى (تزوير) شهادات إقامة طمعًا في وظيفة غير مستحقة حسب الشروط المحددة سلفًا. أمّا الإيجابية الأكبر، فتعقب تحركات العناصر المشبوهة من مجرمين، ومزوّرين، ومتطرّفين، وإرهابيين، ومَن هم على شاكلتهم. [email protected] [email protected]