نظمت «وحدة دراسات البحر الأحمر» في قاعة المحاضرات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة الملك عبدالعزيز بجدة أمس ندوة بعنوان «البحر الأحمر..الموقع والأهمية»، وأدارها رئيس قسم التاريخ الدكتور عبدالرحمن العرابي الحارثي بدأها محاضرة عنوانها»أهمية موقع البحر الأحمر» للدكتور محمد إبراهيم الدوعان الأستاذ المشارك في قسم الجغرافيا بالكلية تطرق فيها إلى أهمية مداخل البحر الأحمر وخصوصا مضيق باب المندب في التجارة العالمية خصوصا بالعصر الحديث مع وقوع مناطق إنتاج النفط وارتباطها جغرافيا بالبحر الأحمر والخليج العربي، وأوضح أن نشأة وولادة البحر الأحمر كانت في الزمن الجيولوجي الثالث في عصر الأوليجوسين منذ أربعين مليون سنة واكتمل نموه قبل اثنين وعشرين مليون سنة في عصر الميوسين واتصل حينها بالمحيط الهندي وأصبح شكله علي ما نراه اليوم، وأضاف بأن أحد خصائص البحر الأحمر وهي كثرة الشعب المرجانية حمت المناطق الساحلية في الجزيرة العربية من الغزو خصوصا من جزيرة دهلك مثلما حدث في العام 83 هجرية، وأشار إلى أن بعض هذه الغزوات كانت تهدد مكةالمكرمة. وتحدث بعدها الدكتور هاني زامل العبدلي الأستاذ المشارك بقسم التاريخ في محاضرة بعنوان «الصراع العثماني البرتغالي في القرن السادس عشر الميلادي بالبحر الأحمر» عن محاولات البرتغاليين المتكررة للسيطرة علي التجارة في البحر الأحمر وموانيه، وفق استراتيجية اعتمدت القرصنة وإثارة الرعب في نفوس السكان المطلة مدنهم علي سواحل البحر الأحمر. وأشار إلى أن البرتغال لم تلجأ إلى الاحتلال إلا قليلا مثلما فعلت في احتلالها هرمز، وتهديدها باحتلال مكةالمكرمة وهدم الكعبة وقيامها بمحاولات متعددة لاحتلال مدينة جدة البوابة إلى مكةالمكرمة لكن جميع محاولاتها باءت بالفشل. وأضاف الدكتور العبدلي أن اكتشاف فاسكو دا جاما البرتغالي العام 1483م لطريق رأس الرجاء الصالح في آخر نقطة جنوبي القارة الإفريقية بالمحيط الهندي، ثم تمكنه من عبوره في العام 1497م، أدى إلى وصول التجارة من الهند وآسيا إلى أوروبا دون الحاجة إلى عبور البحر الأحمر أو الخليج العربي وهو ما مكن البرتغاليين من السيطرة علي التجارة ما بين البحار الشرقية وبين أوروبا، وأضعف قوة المماليك الاقتصادية الذين كانوا يسيطرون حينها على الأراضي الإسلامية الواقعة علي البحر الأحمر والبحر المتوسط، وبذلك يكون اكتشاف رأس الرجاء الصالح وضع حجر الأساس للاستعمار البرتغالي في آسيا قبل مائة عام من الاستعمار اللاحق من دول أوروبية أخرى، لكن سقوط دولة المماليك الضعيفة حينها بعد هذا الوقت بقليل علي يد السلطان العثماني سليم الأول ووصول الدولة العثمانية إلى أن تصبح القوة العظمي على الساحة الدولية في عهد ابنه السلطان سليمان القانوني، والذي أعاد فرض سيطرة القوة الإسلامية علي البحر الأحمر وموانيه وطرد القوة البرتغالية منه، وبالتالي أصبحت مكةالمكرمة آمنة ومحمية ضد الغزو الخارجي. من جانبها تطرقت الدكتورة ثريا دمنهوري الأستاذ المشارك بقسم التاريخ، إلى فترة تاريخية أحدث وقوة استعمارية أوروبية أخرى في محاضرتها بعنوان « النشاط التجاري البريطاني في البحر الأحمر خلال القرن التاسع عشر». وأوضحت دور الثورة الصناعية الكبري في أوروبا خلال القرن التاسع عشر في تطور وسائل الملاحة مع استخدام البخار في السفن لأول مرة وهو ما قلل من زمن الرحلات البحرية ما بين أوروبا والهند من أربعة أشهر إلى أربعين يوما وهو ما ساهم في إنشاء بريطانيا لخط تجاري منتظم. وأضافت :بحلول العام 1869م وإنشاء قناة السويس ارتفع عدد السفن العابرة للبحر الأحمر من مائة وخمسين سفينة لتصل إلى ما يقرب الثلاثة آلاف سفينة. وأضافت دمنهوري أنه مع توالي وتسارع الابتكارات العلمية كاللاسلكي وغيره أصبحت الحركة التجارية أكثر تنظيما، وهو ما جعل بريطانيا الدولة العظمي في العالم حينها تنشيء عددا من الشركات الملاحية والشركات ذات العلاقة بالنشاط الملاحي لتصل حمولة السفن التجارية البريطانية العابرة للبحر الأحمر في العام 1880م إلى أربعة أخماس إجمالي السفن التجارية لبقية دول العالم.