بالرغم من آلية (نطاقات)، وبالرغم من كل التهديدات والتحذيرات تظل هيكلية سوق العمل مؤلمة ومفزعة. مشكلتنا أننا لسنا كدبي مثلا حيث معظم الأنشطة الاقتصادية اليومية بيد الوافدين وبمعرفة الدولة ورضاها وتشريعاتها، لأن المواطن هناك لا يجد مشكلة في شغل وظيفة مناسبة متى ما شاء، تحقق له دخلا مناسباً بكل المقاييس. مشكلتنا أن لدينا بطالة غير مبررة بالنظر إلى الأعداد الهائلة من الوافدين الذين هم في نظرنا موزعون بين موظف فعلي (وهم الأقلية)، والأكثرية التي تمارس مهناً وأعمالاً السعوديون أولى بها، بل إن بعض المهن خاصة في المدن الكبرى أصبحت حكراً على جنسيات دون أخرى. وفي بعض الأحياء ترى (رصة) محلات تجارية متشابهة أنشطتها التجارية تقوم عليها عمالة وافدة من سحنة واحدة. والسبب كما تؤكده التقارير الرسمية هو التستر، فكل محل من تلك المحلات مسجل رسمياً باسم مواطن له في نهاية اليوم أو الأسبوع أو الشهر نصيب قلّ أو كثر. وبالمناسبة بعض من هؤلاء العاملين في محل المواطن فلان قد لا يكونون على كفالة فلان نفسه، وإنما من (المفلوتين) الذين اشتروا التأشيرة نقداً ليمارسوا العمل الحر أينما شاؤوا، وكيفما شاؤوا طالما كانوا يدفعون المقسوم في الوقت المعلوم. ولو أن وزارة العمل ومعها الشرطة مثلا لفّت على هذه المحلات وأجبرت كلاً منها على توظيف مواطن من الباحثين عن عمل أو مشاركتهم في النشاط ربحاً وخسارة لاستفاد الوطن مرتين: الأولى أنه وظف مواطناً، والثانية أن المواطن تعلم فنون الصنعة حتى يستطيع المنافسة بعد شهور قليلة مستقلاً أو شريكاً مع مواطن آخر قادر مادياً. لو صحت العزيمة لأمكن بسهولة معرفة المتستر من غير المتستر، فالمتستر عادة لا يهمه من باع ومن اشترى، وإنما يهمه المعلوم آخر الشهر. وأما صاحب المال فلا بد من وقوفه بنفسه على تجارته حتى لا يكون عرضة للسرقة والاختلاس. هذه القضية لا تحتاج إلى تردد أو تلكؤ، فالوقت يداهمنا والمشكلة عريضة وعويصة، ولن يؤدي تأخير حلها جذرياً إلا إلى مزيد من التفاقم والتدهور. لنفعل شيئاً من أجل الوطن كله!! [email protected]