كان لي سبق الكتابة في جريدة المدينة عن حالة أخي وصديقي محمد عبدالله الدهيس، عندما كان يصارع المرض، وهو على قيد الحياة، ناشدت بها أهل القلوب الرحيمة، لعل وعسى أن الله ينفع بها، وأن يلتفت إلى حاله نظرًا لما قدمه هذا الرجل لمنطقة الباحة عامة، ولأبناء عمومته خاصة، ولكن القدر لم يمهله كثيرًا حيث انتقل إلى جوار ربه مساء يوم الأربعاء الموافق الرابع عشر من شهر ذي الحجة لعام 1433ه، وها نحن ننعاه، والعيون تدمع، والقلوب تتفطر، وإنّا على فراقك يا أبا فهد لمحزونون، ولكن ما نقول إلاّ ما يرضي ربنا (إنا لله وإنا إليه راجعون). اللهم أحسن عزاءنا، وأجرنا في مصيبتنا، واغفر لحبيبنا، وأنزل عليه النور والسكينة في قبره، وثبّته بالقول الثابت، واجعل كل ما عمله من خير في موازين حسناته، وأن ترفعه يا رب للفردوس الأعلى من الجنة. ماذا عساي أن أقول في تأبينك أخي وصديقي محمد الدهيس؟ إن القلم يتوقف، والحبر يجف، والكلمات تتبعثر لتقف أقزامًا أمام الوصف الذي يليق بمقامك العزيز. (رحمك الله)، وماذا يقول عنك أبناء عمومتك المقربون، وأبناء بني سار كافة، وكل من عرف محمد الدهيس.. أقول لك أخي الحبيب أبشر إنهم لم يقولوا والله، وتالله إلاّ خيرًا، وذكرًا طيبًا لما عملته في حياتك، وأورثته بعد مماتك. لقد عشت شهمًا كريمًا على خلق رفيع، كريم سجايا حسن الطباع، طيب المعشر تعلمنا منك الكثير، فجزاك الله عنا خير الجزاء، عشت بيننا شامخًا كالطود، رافع الهامة، وفارقتنا إلى مَن هو أكرم منا، وأنت ملء السمع والبصر، وصورتك المشرقة لن تزيلها الليالي والأيام، بل كل أعمالك الخيّرة ستبقى راسخة في قلوب محبيك، فنم قرير العين لما أخلدت من ذكر طيب، وسيرة عطرة. كل الذي أريد أن أقوله بعد فراقك أخي الحبيب، وإن كنت لست أنا بوحدي، بل كل بني سار شيبًا وشبانًا، وكل من عرفك أننا قد خيّم علينا الحزن لفقدك، وحتى المنازل من الحمده إلى قصر دسمان، وكل الديار التي سيرت عليها، وصورتها فوتوغرافيا، ونقلت صخورها المكتوبة والمنقوشة من (ثراد، وعيسان، والأزهر، ومعشوقة، وروضة بني يسيد)، وأهديتها إلى قسم الآثار بمنطقة الباحة، وقد كرمت من قبل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان عليها إن كل تلك الأماكن لتبكيك، وتفتقد إطلالتك عليها لتزهو بنور وجهك الوضاء الذي كان يكسبها رونقًا وجمالاً. نسأل الله جل في علاه أن يتغمدك بواسع رحمته، وأن يلهم أهلك وذويك ومحبيك الصبر والسلوان، آمين.. آمين. لا يفوتني في هذا المصاب الجلل إلاَّ أن أقول هذه الكلمات تأبينًا في وفاة صديقي الغالي محمد الدهيس، وإن كنت لست بشاعر، ولكن الموقف جعلني أقول هذه الأبيات: يا بوفهد غبت عنا ما توداعنا فرقاك ياللي نوده كيف باقواها لكن هذا القدر والرب يجمعنا في جنة الخلد للأرواح مثواها ندعوك يا الله يا خلاق تسمعنا اغفر لروح نقية طاب مسعاها إنا لله وإنا إليه راجعون. أحمد عيدان الزهراني - جدة