لم يكن يعلم أطفال ناعمة (42 عامًا): إسماعيل، ونعيم ومن بعدهم نوف، حين غادرت أمهم المنزل، وهي تقبلهم الواحد تلو الآخر أنها القبلات الأخيرة، ولم يدر بخلدهم أنها ستغيب عن أعينهم للأبد، ولا أنهم في لحظات وداعها الأخير يوصوها بشراء ملابس العيد ليفرحوا بين أقرانهم، دون أن يخطر ببال أحدهم أن فرحة العيد سيغتالها سيل تمايا، وكانت ناعمة قد وعدت أبناءها بشراء احتياجات العيد، ساعية لغرس الابتسامة على شفاههم، وتعويضهم حنان الاب الذي فقدوه منذ سبع سنوات، ولكن القدر لم يمكنها من الوفاء بوعدها، ولا العودة لفلذات كبدها الذين ظلوا ساعات غيابها وملامح الفرح بملابس العيد ترتسم تارة وتعابير الشوق للقائها تارة أخرى صور حياتية عديدة تدور في أذهان أبناء ناعمة الثلاثة، وترتسم في مخيلاتهم صور كلها تفاؤل بالحياة الجميلة الهانئة، في كنف امهم الحنون، ومما زاد شوقهم واشعل حنينها اتصالهم بها تخبرهم بقرب لحظات وصولها وفي الوقت الذي كانوا ينتظرون فيه وصول والدتهم واكتمال فرحتهم يفاجئون بالخبر المفزع والمفجع الذي دوى في اذهانهم السيل جرف ناعمة. ناعمة غرقت وماتت حينها ظل يتبادلون النظرات ومن أعينهم تتهاوى العبرات ولسان حالهم يقول: ذهب والدنا ولحقت به أمنا فمن يرعانا ويهتم بشؤوننا ومن يعوضنا حب وحنان الأب والأم بعد مماتهما «المدينة» التقت الأطفال الثلاثة نوف 11 سنوات وتدرس بالصف الخامس الابتدائي واسماعيل 12 سنة ويدرس بالصف السادس الابتدائي ونعيم 9 سنوات ويدرس بالصف الثالث الابتدائي. ملابس العيد تقول نوف: بعد أن اشترينا ملابس العيد من السوق مع أمي عدنا وقابلنا هواء وغبار ومطر وبعد ذلك سيل كبير في الطريق وتوقفت سيارتنا ودخلت المياه داخل السيارة واخذونا الناس وطلعونا في الوايت وجلسنا ننتظر امي وعمتي وعبدالعزيز ولكن لم يعودوا امي كانت توصيني بالتمسك عبدالعزيز وانها ستلحق بنا. أمى لحقت بأبي اسماعيل كان هو الآخر حزينًا على فراق أمه التي ظل ينتظر عودتها إلى البيت وقال إسماعيل: أمي الله يرحمها كانت توفر لنا كل ما نحتاج واليوم ماتت أمي لحقت بأبي، فيما شاركه نعيم قائلا: امي شالها السيل وماتت 00 الله يرحمها. بلا منزل ولا دخل فهد الزبالي ذكر أن الأطفال اسماعيل ونعيم ونوف مات والدهم منذ سبع سنوات وليس لديهم دخل ولا منزل وظروفهم المعيشية سيئة وحالتهم النفسية أسوأ. وأضاف مبروك بريكان أخو ناعمة وهو يحتضن ابناء اخته وبعبارات حزينة ممزوجة بنوبات بكاء أنهم وجدوها بعد الفجر وهي متعلقة بشبك إحدى المزارع والدماء حولها على مسافة تزيد على ثلاثة كلم ونصف من موقع جرفها مما يؤكد أنها كانت على قيد الحياة واكمل الحديث ابن عمهم فهد الزبالي بقوله: لقد طالبت الدفاع المدني بالكشافات والحبال والبحث الا انهم لم يستجيبوا لطلبنا وقد تمكن من عبور السيل والمرور بالقرب من موقع ناعمة وكنت أتمنى مرافقة رجال الدفاع المدني لنا بكشافاتهم فربما لحقنا بها قبل وفاتها. كانت معنا ياسر العوفي قال: ناعمة كانت معنا وكنا في طريقنا لإخراجها الا أن زيادة كبيرة في كمية المياه داهمتنا وأجبرتنا على التعلق بلوحة وبعد لحظات فرقنا موج السيل والقى كل منا في اتجاه يذكر أن ناعمة بريكان الزبالي قد ذهبت مع ابن أخيها عبدالعزيز الزبالي (19 عاما) وكان عبدالعزيز قد تمكن من إنقاذ اختيه وعاد لانقاذ أمه وعمته وجرفهما السيل جميعا.