رغم كثرة الأفكار التي يمكن صياغتها كمقالات، إلاّ أنّ الكاتب يعجز أحيانًا عن الإتيان بفكرةٍ ما، وهذا ما حصل لي يوم موعد تسليم هذا المقال! لقد عَصَرْتُ أفكاري كما تُعْصَر الملابس المغسولة في العصّارة اليدوية، زمن الأمّهات الجميل والجدّات، وقبل عهد الشغّالات والمُجفِّفات الكهربائيات، لكن بلا جدوى، فقرّرت الاستعانة بمُغرّدي ومُغرّدات الشيخ تويتر! غرّدْتُ لهم أنه من يُغشّشني بفكرة فله الشكر، وربّما أقاسمه مكافأة المقال، وما هي إلاّ ثوان حتى سلّموني براشيم الغِشّ، عفوًا.. تغاريد الأفكار، فبدأتُ الكتابة عن بعضها، ولولا ضيق فاترينة بضاعتي لكتبتُ عنها كلّها بلا استثناء! مُغرِّدة فكّرتني بالعمالة الأجنبية، وسيطرتها على التجارة، وأنّ الوضع في مكّة المكرّمة أسوأ، خصوصًا في موسم الحجّ، وهذا يا عزيزتي عاقبة تستّر المواطنين عليهم، لقد باعوا تجارة بلدهم بثمنٍ بخس، ولا حلّ سوى استعادتهم لوطنيتهم! ومُغرّدة فكّرتني بالأرامل والعانسات والمُطلّقات اللاتي ليس لهنّ مُخصّص مالي كافٍ، ولا مسكن مملوك، ولا حافز، وأنا فوق معاناتهنّ هذه أخشى أن تُنكِر وزارة الشؤون الاجتماعية وجودهنّ، كما أنكرت سابقًا وجود الفقر، وسمّته بأسماء تلطيفية، فلهنّ الله، وأليس الله بكافٍ إماءه المُستضعفات؟ ومُغرّد فكّرني بأسعار أضحيات العيد الفلكية، فيا عزيزي سيطلع علينا أحدهم ليقول: أرخصوها بعدم التضحية، وهكذا قد نتخلّى عن نُسكٍ عظيمٍ وأجرِه! ومُغرّد فكّرني بالكادر الهندسي، وليته ما فكّرني، إذ أفسد عليّ فرحة العيد وبهجته، فالمهندس السعودي لا حظّ له عند بعض المسؤولين ولا أيّ خاطر! ومُغرّد فكّرني بجهة عملي، المؤسّسة العامة لتحلية المياه المالحة، ولماذا لا أثني عليها كونها المُحلِّي الأكبر لمياه البحر في العالم؟ وهذا صحيح، وسأثني عليها إن وحّدت أنظمتها الوظيفية ضمن نظامٍ واحدٍ لا ميْل فيه في الحقوق لموظّفي التشغيل والصيانة دون موظفي الخدمة المدنية، رغم تساويهم في الواجبات! هؤلاء المُغرّدون الأعزّاء فكّروني بهذه المشكلات، فشكرًا لهم، وأتمنّى أن نعالج المُشكلات سريعًا، لأقول - مع بعض التصرّف - كما قالت أمّ كلثوم (رحمها الله) في أغنيتها الرائعة (فكّروني): وإحنا نقدر نخلّي الدنيا جميلة.. واللى جيّ نعيشه أحلى من اللى فاتنا.. والقمر من فرحنا ح ينوّر أكثر.. والنجوم ح تبان لنا أجمل وأكبر.. والشجر قبل الربيع ح نشوفه أخضر.. واللى فات ننساه ننسى كل أساه.. يللاّ نلحق بالزمن أيام صفاه.. عيد أضحى سعيد! تويتر: T_algashgari @T_algashgari [email protected]