أمام حكومات ما يسمى بالربيع العربي، وبالذات الحكومة المصرية، فرصة ذهبية لإحراج الكيان الصهيوني ولإجباره على القبول بتجميد العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، ولا أقول قطعها كليا. هذه الحكومات تستند إلى تأييد الرأي العام، وتتمتع بالشرعية الديموقراطية المستمدة من إرادة الشعب مباشرة. والحكومة التي تصل إلى السلطة بناء على الإرادة الشعبية، تستطيع أن تخرج من مستنقع التحالفات الدولية التي تقودها قوى الهيمنة العظمى، إلى آفاق المشاريع الوطنية الخاصة والرؤى المستقلة. لا أحد يطالب مصر الآن بإعلان حالة الحرب على إسرائيل، كما أنه لا يوجد أحد يطالبها بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني في هذا الوقت. لكن المصالح القومية الاستراتيجية وكذلك المصالح الوطنية العليا لمصر، تفرض على القيادة الحالية اتخاذ إجراءات من شأنها إعادة شيء من التوازن المفقود مع العدو، ووضع حد لحالة الفراغ السياسي والاستراتيجي التي تعاني منها المنطقة العربية منذ عقود. والإجراء المناسب في هذه الحالة هو تجميد العلاقات المصرية الإسرائيلية. الحكومة المصرية الجديدة التي تعبر عن إرادة الجماهير وتمتلك تفويضا شعبيا هو الذي أوصلها لسدة الحكم، مطالبة باتخاذ موقف صريح وشجاع من اصرار الكيان الإسرائيلي على الاستمرار في حصار غزة الذي يعد أسوأ حالات العقاب الجماعي التي سجلها تاريخ البشرية الحديث. مصر بلد لها وزن ومكانة إقليمية، وما يجري على أرض فلسطين يعنيها ويمس أمنها القومي ويهدد استقرارها بشكل مباشر. وطالما بقي الطرف الإسرائيلي مصرا على تعنته وسعيه لسد كل المنافذ في وجه أي مجهود لإحلال السلام وأي سعي لإيجاد حل مقبول للقضية الفلسطينية، فإن الواجب الوطني قبل القومي، يفرض على مصر أن تتحرك بما يلبي مصالحها ويساعد على الحفاظ على أمنها القومي واستقرارها بشكل عام. إن استمرار إسرائيل في حصار غزة من جهة، وفي الاستيطان من جهة أخرى، علاوة على تهويد القدس.. كل هذه المعطيات تعد كافية حسب مقتضيات القانون الدولي، لتجميد العلاقات الدبلوماسية بين كل من مصر وإسرائيل. ذلك أن الإسرائيليين لم يكتفوا بتجاهل مأساة الشعب الفلسطيني وحسب، وإنما سعوا ولا زالوا لتعميقها أيضا. المسألة تحتاج لشجاعة ولإرادة سياسية نابعة من إدراك عميق لحجم ومكانة مصر على الخارطة. [email protected]