السَّائل (عبدالرحمن نور الدين): هل الوقوع في اللّحن في الدّعاء محرّم وله أثر على الإجابة ؟ الفتوى 66 : لقد أحسنت - يا عبدالرحمن - في السّؤال، وأرجو أن أحسن في الإجابة والنّوال .. وأبيّن أوّلا ما في سؤالك من إجمال، وهو أن اللّحن له معانٍ، منها: الخطأ في قراءة اللّفظ، ومنها: التطريب في الصّوت، وأظنك تعني المعنى الأوّل، وهو اللّحن في النّطق والإعراب. وأجتهد فيه رأيي، فأقول: اللّحن الذي هو الخطأ إما أن يكون عن قصد، وإما أن يكون عن غير قصد، فأما ما كان عن غير عمد فمعفوّ عنه في الدّعاء وفي غيره، لأن الله أخبرنا أنه لا يؤاخذنا إلا بما تعمدت قلوبنا، وفي خبر الذي ضلت راحلته فوجدها أنه قال: (اللّهم أنت عبدي وأنا ربّك) أخطأ من شدّة الفرح، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يؤاخذ بهذا، والخطأ فيه أكبر من الخطأ في الإعراب وفي ضبط الألفاظ، ويروى أنّ امرأة قالت للشافعي تدعو له بالشفاء، وكان مِمْراضا: الله يُشفيك (بضم الياء) فقال الإمام: اللّهم بقلبها لا بلسانها، لأن معنى (أشفى) أزال شفاءَه، والهمزة للإزالة. ولو يؤاخذ الله الناس بما يطرأ على ألسنتهم من اللّحن لكان في ذلك حرج عظيم، واستمع إلى ما يلهج به الطائفون بالبيت العتيق وما يقع لهم من فنون اللّحن والخطأ تجد من ذلك شيئا كثيرًا، وقد سمعت وسمع غيري من يقول: (لاتدع لنا ذَنبا) بفتح النون، ومن الأخطاء الشائعة أن يقول الدّاعي: اللّهم صلِّ على محمد، بياء بعد اللام (صلّي) وهو لحن قبيح؛ لأنه خطاب للأنثى، فهذا ومثله منكر من القول يجب تغييره باليد واللّسان والقلب. وأما ما كان من اللّحن عمدًا فصاحبه ملوم لا سيما إذا كان يحيل المعنى أو يبطله. ولا يفعل ذلك إلا عابث، فإذا كان عابثًا في دعائه فأنّى يستجاب له ؟ والله الموفق إلى كل قول سديد.