لا بد في العلاقات الزوجية السليمة والجميلة من التنازل، أو التضحية، أو ما يسمى بالموازنة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقًا رضي منها خلقًا آخر) رواه مسلم (1469). ذلك أن البشر يختلفون في العوائد والطباع، ولأجل ما جبل الله عليه النفوس من التنافر والتآلف الذي يمكن استدعاؤه، وعلماء النفس يؤكدون أن نوعًا من التآلف والتعارف يمكن استدعاؤه عن طريق تغيير نظرتك للطرف الآخر وتغيير موقفك من سلبياته. هذا المفهوم هو ما يدعونا إليه الحديث الشريف الأول! أن نستدعي هذا التآلف والتعارف بين الأرواح بحسن التعامل مع الفوارق بيننا وأن نحسب السلبيات والإيجابيات بميزان مختلف يجب أن تتغير فيه المسميات قليلاً لنتآلف معها. خذا على سبيل المثال كلمة التنازل! كلمة تشعر الزوجين للوهلة الأولى بنوع من الظلم! بل أحيانًا بكثير من المنّة! كلمة تشعركما بالنقص دومًا وتجعلكما تسترجعان الفاتورة كاملة عند أول نقطة اختلاف! دعونا نتفق أن نلغي هذه الكلمة من حياتنا كأزواج وأن نمنحها مسمىً جديدًا! ما رأيكما لو سميناها (حب بلا شروط)؟ أليس أجمل؟ وأنبل؟ بل وأكثر حميمة وإلجامًا للنفس السوية ألا تعود لتنبش الماضي وتتحقق من استيفاء الشرط؟ يقول الله تعالى (ولا تنسوا الفضل بينكم) وفي هذا إلماحة إلى أن الحياة بين الأزواج يجب أن يكون أساسها الفضل وليس مجرد العدل. إنه سباق حميمي في تقديم الفضل، الذي يخطئ البعض في الإصرار على تسميته بالتنازل. حب بلا شروط سيمنحكما فرصة تجديد الحياة الزوجية وتعديل قوائم الحسابات ليرتفع رصيد الحسنات في ظل الحب الجديد. هذا الحب ليس صعبًا ولا مستحيلًا فنحن نمارسه في حياتنا مع أولادنا على وجه الخصوص، فلا شيء يمكن أن يمنحنا صبرًا على عثراتهم وزلاتهم ومكابدة تربيتهم سوى هذا الحب غير المشروط والذي نحتاج إليه حتى مع الأزواج. فلنجرب فقط أن نغير المسمّى!