بعد بث قناة دبي لحادثة تعذيب الخادمة لطفل إماراتي ذي الستة أشهر، اتصل حاكم الشارقة وقد قرر بناء 66 دار حضانة من أجل توفير بيئة مناسبة للأطفال الذين تتركهم أمهاتهم عند الخادمات، وقدم من خلال الخط المباشر نصائح وتوجيهات للأمهات والآباء للعناية بالأطفال منذ الولادة، وذلك بعد أن شكر تلفزيون دبي على نقل حادثة تعذيب الخادمة للطفل التي جعلت المواطنين هناك يتأثرون ويسعون إلى إيجاد حل للمشكلة. ونحن في مجتمعنا السعودي وبعد حادثة ذبح طفلة ينبع على يد خادمتها -ندعو الله أن يصبّر أهلها ويجعلها شفيعة لهم، ونشكر الإعلام السعودي الذي سلّط الضوء على هذه الفاجعة ليُحذِّر الآخرين- يجب أن تُفكِّر العائلة السعودية بإيجاد حل للحفاظ على أطفالها، فنحن مجتمع متوسط الأطفال فيه لكل عائلة من 4- 5 أطفال، إذ إن المرأة حتى وإن لم يكن لديها التزامات عمل، فهناك أسباب كثيرة تُجبرها للخروج من المنزل لزيارة طبيب أو عيادة مريض أو واجب عائلي أو تعزية أو غيره، لأننا على عكس المجتمعات الغربية مجتمع جماعي شديد الالتزامات. هناك من السيّدات من هي مضطرة للعمل فعلًا، حتى وإن كانت متزوجة، لأن غلاء المعيشة وصل إلى حد جعل دخل الزوج لم يعد كافيًا لأسرة بأن تعيش حياة كريمة. هذا عدا المطلقات والمعلقات واليتامى والأرامل ممن لا خيار لهن سوى العمل. تحتاج الأم إلى من يساعدها في المنزل، وخاصة بعد أن تلاشت الأسر النووية وأصبحت الأسر المعاصرة هي الأم والأب والأبناء فقط، وهذا سبّب مشاكل نفسية واجتماعية كبيرة، عندما كان الجد والجدة والعم والعمة والخال والخالة؛ يشاركون في التربية كانت الأسرة بأمان، ولكن اختلفت مقومات وظروف الحياة المعيشية واضطرت الأسر الى الاعتماد على العاملات بثقافات مختلفة ومستويات دونية في التعليم والصحة والذي يهدد سلامة أبنائنا. يجب أن يحذر الأهالي أن يتركوا أطفالهم مع ذوي الأوراق غير الرسمية وعاملات قد يكنَّ مُصابات بأمراض خطيرة كالإيدز والكبد الوبائي أو عاملات غير سويات قد يهددن سلامة أبنائهم. وأعتقد أن أكبر خطأ في الفكر العربي من يعتقد أن الأم وحدها عليها مسؤولية التربية، والأب عليه كسب المال، فالتربية شراكة، أما النفقة فقد فضّل الله المرأة بأن جعل الرجل يتكفّل بها. يجب أن نجد حلولًا تحدُّ من هذه الحالات المأساوية.. يجب أن نُؤمِّن دور حضانة بإشراف بنات وطننا من خريجات التمريض والتربية والحضانة في كل جامعة ومدرسة وإدارة وبنك وكل مقر عمل تتواجد فيه المرأة، وفتح مراكز تُوفِّر مختصّات ذات خبرة وكفاءة ومسؤولية في رعاية الأطفال بالساعة، كما هو مُتوفِّر في كل المجتمعات المتقدمة، أما بالنسبة لعملية الاستقدام فيجب إلزام المكاتب بانتقاء وعمل اختبارات نفسية لكل عاملة تأتي إلى أرض هذا الوطن، وخاصة إن كانت ستساعد في الاهتمام بالأطفال، وأن تكون عليهم رقابة شديدة، وعقوبة للمكاتب التي لا تلتزم بالإجراءات. لابد أن ننظر في هذه القضية بعين الاعتبار، فكما نحرص على مجوهراتنا ونضعها في خزينة أو مكان آمن، فمن باب أولى أن نحرص على أبنائنا لأن جواهرنا الحقيقية هي حتمًا أبناؤنا.