نشرت إحدى الصحف مؤخرًا أن طالبة هندية في الحادية والعشرين من عمرها أقدمت على الانتحار في الهند، بعدما أقدم صحفيون ومصورون بالتقاط صور لها مع صديقها الذي تعرفت عليه قبل عام، ويفيد شهود عيان أن المصورين والشرطة سخروا من الطالبة وهي تتوسل إليهم ألا يقوموا بتصويرها لأن سمعتها ستتأثر بشدة لو تم نشر الصور ولقطات الفيديو التي تم تصويرها وقد هددت الفتاة بالانتحار في حال تم نشر الصور، غير أنهم سخروا منها وطلبوا منها رؤية الصحف في صباح اليوم التالي، عندها لم تستطع الضحية تحمل هذا التوتر وأقدمت على الانتحار. وهذا مثال يقودنا إلى الحديث عن حجم وحدود حرية الصحافة واحترام خصوصية الآخرين، حيث إنه في كثير من الأحيان تتجاوز وسائل الإعلام الخط الفاصل بين المنافسة على الحصول على السبق الصحفي وبين اقتحام خصوصية الآخرين، وقد لا يقف الأمر إلى هذا الحد بل إن البعض يلجأ للاستغلال والابتزاز والمقايضة، خصوصًا أن التقنية الحديثة اليوم قد ساهمت في وضع الكاميرات في أيدي معظم الناس من خلال الهواتف الجوالة التي يحتوي بعضها على كاميرات متميزة تدفع أصحابها إلى تصوير كل ما يجدونه أمامهم. وفي اعتقادي أن للجميع خصوصية يجب احترامها وتقديرها، وأن مراقبة الناس ومتابعتهم في كل شؤون حياتهم وملاحقتهم من مكان لآخر بدعوى الحصول على سبق إعلامي لا يتوافق مع العقل والمنطق، وأن هذا الأمر يحتاج إلى وضع قوانين تحترم خصوصية الناس، ولا تتعارض مع أحكام الشرع وتحدد معايير وضوابط لهذا الأمر. إن ما نعيشه اليوم من وسائل حديثة للتواصل الاجتماعي يجب أن تساهم في البناء وأن تستخدم في تعزيز أواصر وعرى المجتمعات لا أن تكون أداة للهدم ولنشر الفرقة والاختلاف والتجسس على الآخرين ومتابعتهم من مكان لآخر. [email protected]