عند النزول في مطار من مطاراتنا؛ فإن المرء يتعجّب من أناس يقفون مزدحمين أمام مكاتب صغيرة الحجم، ويبدو أن الجميع بحاجة لها، وهذا أمر يلحظه كل أحد وهو ما يعرف بمكاتب تأجير السيارات. والواقع يُؤكِّد أن هذه المكاتب (الشركات)؛ تعيش في معزل عن المراقبة، فلا تعرف الانضباط، ويظل غياب الرقابة عن متابعة ما يجري هو المشهد السائد، وانفردت هذه الشركات بالمواطن والمقيم وأخذت تتصرف كما يحلو لها، وإليكم بعض المشاهد التي تثبت صحة ما ذُكر آنفا: - عند السؤال عن الأسعار، فإن الأمر متروك تماماً للشركات، تُحدِّده وفق ما تريد، فتجد الفرق شاسعاً بينها، والمسألة عائدة لأمور سأتحدث عنها لاحقاً، والكلام ذاته منسحب على سعر الكيلومترات الزائدة (مع أن العالم بات يمنح عدّاداً مفتوحا)! - من يذهب لاستئجار سيّارة من صنع هذا العام، فإنه لا يجد ما يدلّه على ذلك، وقد وقع لكاتب هذه السطور موقف من هذا القبيل؛ حيث استأجرتُ سيّارة من صنع هذا العام، ووجدتُ أنها قد سارت كيلومترات كثيرة جداً، فعدتُ للمسؤول وأخبرته، ولكنّه أصر وأكّد أنها 2012، وعند تسليمي للسيّارة أخرج لي سند قبض مكتوب به أن السيارة من صنع سنة 2011م، فغضبتُ وقلتُ له: إنني أخبرتك عند الاستلام، فقال لي: (معليش)، فشكوته للشركة ولم أجد نتيجة، بل تم وضعي في قائمتها الممنوعة من الاستئجار، (شر البلية ما يُضحك)، فشكوتهم للتجارة فقيل لي: إن وزارة النقل هي المسؤولة، وحاولتُ الاتصال وبالفعل راسلتُ أحد كبار المسؤولين في الوزارة، لكنني فوجئت بعدم تفاعله! - إذا أقيمت فعالية في إحدى المدن (مؤتمر أو ندوة..) فقد يضطر المرء إلى ركوب سيارة أشبه ما تكون بالخربة، وعند الاعتراض يُقال له لا يوجد غيرها، فيتجه يمنة ويسرة فلا يجد بالفعل، ويتذكّر حينها: إذا لم يكن إلا الأسنّة مركب..، وليكبر حجم التساؤل: أين الرقيب؟! - مسألة التفريق بين سيّارات المدخنين وغيرهم، لم تدخل عالم تأجير السيارات لدينا، مع أنها مستخدمة في العالم، وهذا يُثبت غياب دور الحسيب أيضاً، بل والمتابع لما يجري، فالأمر متروك في كل أحواله للشركات! - أدى غياب الدور المنوط بالجهات المعنية وعدم بثها أرقاماً للشكوى إلى التعايش مع هذا الوضع المأساوي، وباتت الرشوة علانية، فموظف المكتب يُخبرك أنَّه ينبغي عليك إرضاء العامل لينتقي لك سيّارة نظيفة، تخيّلوا وضعاً متردياً إلى هذا الحد! - وأخيراً.. فإن مسألة تعبئة الوقود للسيارة خاضعة لأمرين، رشوة العامل الذي يجلب السيارة، وعلى الحظ بشكل كبير، فالنظام غائب تماماً، مع أن العالم كله تغلّب على هذه المشكلة باستلام السيارة بوقود كامل، وإعادتها بنفس الوضع، ويبدو أننا سنمكث طويلاً نُغرّد خارج السرب، وأنه لا يلوح في الأفق مخرج قريب لمشكلاتنا؛ فكثيرٌ من جهاتنا يبدو ألا تكامل وشيك بينها. [email protected]