تحالفات وتيارات جديدة.. وأحزاب جديدة أيضًا.. وأدوار جديدة أو أدوارمستعادة لمؤسسات مثل الأزهر .. كيانات تجهز بشكل مدروس حينًا وعلى عجل حينًا آخر لتنافس تيار الاسلام السياسي الذى شرع هو الآخر في لملمة شتاته عبر استقطابات تجرى بين الممكن مثل الإخوان والسلفيين وغير الممكن مع الجماعات الاسلامية. وزاد من سرعة إيقاع الاستقطاب حكم تاريخي آخر للمحكمة الإدارية ليس فقط بتأكيد زوال مجلس الشعب، ولكن أيضًا بأحقية أعضاء الحزب الوطني المنحل في الترشح لأي انتخابات قادمة محلية أو برلمانية. كل هذه المتغيرات.. هل تمنح مصر مشهدًا سياسًا آخر يبدد مخاوف سيطرة حزب واحد على الحياة السياسية وإعادة إنتاج حزب وطنى بعباءة إسلامية أم أنه لا تغيير متوقع في ظل رؤية تحمل قدرًا كبيرًا من الوجاهة من أن الاحزاب الاسلامية الأكثر تنظيمًا وقدرة على الاستقطاب وجذبًا للموالين والأتباع واستثمارًا لمزاج إسلامى عام، وأن الاحزاب والتيارات المنافسة من ليبرالية ويسارية أكثر قدرة على الجدل والصخب دون مكتسبات سياسية على أرض الواقع، مثلما حدث في الانتخابات البرلمانية والرئاسية الماضية. «المدينة» مع الخبراء السياسيين والمسؤولين تحاول فتح ملف المشهد السياسي القادم ومن اللاعبون المحتملون وهل يختفي لاعبون من المشهد ويحل آخرون ؟ يرى سامح عاشور رئيس الحزب الناصري بداية أن إجراء الانتخابات البرلمانية الماضية قبل تغيير الدستور خلق حالة من التوتر في الوضع السياسي المصري واضطرابًا شديدًا في الحياة السياسية وصراعًا بين القوى والتيارات المختلفة وهو ما أدى الى نجاح التيار الاسلامي الذي كانت له غلبة بحكم انه الاكثر تنظيما من ناحية وبحكم العاطفة الدينية عند المصريين وفي نفس الوقت لم تعط الفرصة للاحزاب الاخرى ان تنظم صفوفها وتتعاطى مع الواقع الجديد للوضع السياسي المصري ويقول: مع الوقت أدركت القوى السياسية ضرورة ان يكون لها وجود حقيقي عبر إعادة تنظيم نفسها حتى لا يستأثر تيار الاسلام السياسي بالكعكة المصرية فظهرت التيارات والاحزاب الجديدة التي تستهدف تحقيق التوازن السياسي خاصة مع ظهور نوع من المغالبة السياسية للتيار الاسلامي اشبه ما يكون بوضع الحزب الوطني في النظام السابق ومن ثم أصبح أمام هذه القوى تحدٍ كبير لاسيما أن التيار السياسي الاسلامي المتمثل في الإخوان المسلمين يكتسب عاطفة شعبية من جراء التعاطف الديني البعيد عن اللعبة السياسية. تحالفات في مرحلة المخاض ويصف أبو العلا ماضي رئيس حزب الوسط المرحلة التي تمر بها مصر الآن بأنها استعداد للمرحلة الانتقالية الثانية التي ستشهد صراعا حول تشكيل النظام السياسي وقواعد اللعبة الديمقراطية وهو ما يجري حوله الحراك الآن ويصل احيانا لحالة الاستقطاب بين القوى السياسية المختلفة. ويوضح ماضي أن النقطة المحورية في المرحلة الحالية هي شكل الدستور الدائم الذي يجب أن يلتف حوله الحميع ومن ثم يتحرك الجميع في اطاره. ويشير ماضي إلى ان هناك قلقا متبادلا بين القوى السياسية من جراء عدم الانتهاء من الدستور حيث ان الاطراف الاسلامية قلقة من عدم تطبيق المادة الثانية والاطراف الليبرالية واليسارية قلقة من المواد المتعلقة بالمواطنة والحريات ويقول: إننا وضعنا مواد قليلة تغطي هذا الجانب وتحل الاشكالية وترضي جميع الاطراف دون التوسع في صياغة مبادئ تقترب من ان تكون دستورا جديدا. الا ان حالة القلق هذه خلقت تحالفات سياسية بعيدة عن الشارع وأحزابًا تلعب في إطار البديل الفكري أو السياسي إلا أنه لا يوجد لها وجود حقيقي في الشارع واذا سارت الامور باتجاه الخلافات النخبوية فان المعادلة السياسية لن تتغير كثيرا ولكن اذا كان المواطن هو الهم الاول لكل الاحزاب فسنجد تغييرا حقيقيا في المعادلة السياسية يقود الى حراك قوي يكون له أثر كبير على الحياة السياسية المصرية فلن يبقى احد في الصدارة الا اذا اهتم بمشكلات الجماهير ووضع نصب اعينه هموم المواطن أولا. أخشى المعارك الجانبية ويؤكد المستشار زكريا عبدالعزيز رئيس نادي قضاة مصر الأسبق أنه ورغم المخاوف الكبيرة من ألا تأخذ اللعبة السياسية في مصر مسارًا صحيحًا وتتحول إلى صراع أيدولوجي فإن ضمانة الحرية والديمقراطية كفيلة بتبديد هذه المخاوف ويقول: الملاحظ أن نبرة العداء والعنف تتراجع والجميع يسعى لبناء احزاب قوية تناوئ بعضها البعض ومن ثم فإن مرور الوقت كفيل بارساء لعبة الديمقراطية بشكل صحيح فالجميع يدرك أن أي حزب أيا ما كان لا يمكن أن يستأثر بجموع الشعب وفي التركيبة المصرية بالذات يستحيل ذلك والجميع يدرك ان مستقبل مصر السياسي لن يبنيه الا حرية وديمقراطية على قاعدة اقتصادية قوية. واللعبة السياسية المصرية مرهونة بذلك وكل ما نخشاه ان ينشغل الجميع بمعارك جانبية تفسد الحياة السياسية ولا تعود بأي أثر على المواطن وإذا نجحت التيارات السياسية والأحزاب الجديدة ان تتفاعل بشكل صحيح وألا تكون مجرد معوق للحزب الحاكم الآن أيًا ما كانت أخطاؤه فإن من يستيقظ لهذه الحقيقة سيبني بناء سليما وتكون له الشعبية في المستقبل. الفرصة الآن أفضل ويشير الدكتور سمير فياض نائب رئيس حزب التجمع إلى أن الوضع الحالي مذبذب بين الكلمات والافعال وهناك مشكلة أساسية تكمن في أن الانتخابات الماضية تمت دون وضع دستور بينما طالبت بعض القوى ان يكون الدستور أولا وعليه فاز التيار الاسلامي باكتساح والآن أصبحت الفرصة افضل امام كل القوى لإعادة بناء نفسها والتواجد في الشارع وسيكتمل الدستور أولًا ثم تكون المنافسة السياسية الشريفة فلم يعد الحزب الوطني من جديد في عباءة الإخوان ولكن سيكون هناك حراك سياسي قوي شريطة عدم التلاعب بالدستور او ان تكون بنود الدستور لصالح فئة على حساب الفئات ويقول: العملية السياسية في مصر ستتغير كثيرًا فالكل يسعى لكسب المواطن ولكم يجب ان نعي جميعا للمخاوف الحادثة حتى الآن والمتمثلة في أن الاحزاب بصفة عامة اقوالها اكثر من افعالها ويجب على الائتلافات أن تلعب دورًا أكثر فعالية وبدون شروط محددة. كما طالب الاحزاب بأن تتفرغ للعملية الاجتماعية وللتغير الشامل الذي تشهده مصر وتؤجل تغييراتها الداخلية حيث يصعب في هذا التوقيت الجمع بين العمل الوطني الاجتماعي والعمل الداخلي الحزبي. التحول الديمقراطي بهدوء وبتفاؤل أوضح الدكتور أحمد كمال أبو المجد المفكر السياسي المعروف عن ثقته في قدرة مصر على تخطي هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها، وقال أبو المجد إن التحول نحو الديمقراطية يجب أن يتم بهدوء وتروٍ مؤكدًا أن الإيمان بمفاهيم الديمقراطية الحقيقية هو الأهم الآن بحيث يكون هناك إيمان جازم بتداول السلطة بأن الاحتكام لصناديق الاقتراع هو المعيار للايمان بالديمقراطية، وقال إن الاحزاب الجديدة والاحزاب القائمة عليها ان تغير مفاهيمها وادراكها لمعنى التحول الذي حملته الثورة حتى لا نعيش في طواحين الهواء وهو نموذج تكرر قبل ثورة 52 حين تناحرت الاحزاب وتركت مصالح العباد والبلاد، ومن ثم فإن الجدل السياسي لايجدي ولابد ان يكون هناك عمل جاد من كل الاحزاب حتى تصل الى الجماهير وهذا هو المعيار الاوحد الذي سيحدد سلامة أو عدم سلامة اللعبة السياسية المصرية.