لماذا يحتفظُ الإنسانُ بمجموعةٍ من الأصدقاءِ، كلّ منهم يختلفُ في تصرفاته واتجاهاته وشخصيته عن البعض الآخر؟! وكيف يمكن له أن يتعامل معهم جميعًا، رغم اختلاف شخصية كل منهم عن شخصية الآخر.. بل وعن شخصيته هو؟ أعتقدُ -شخصيًّا- أنَّ كلَّ واحدٍ من أصدقائي يساعدُ على إخراج شيءٍ مختلفٍ من داخلي: - مع أحدهم يمكن أن أكون كيّسًا وقورًا لا يبدو مني ما لا أحب أن يطّلع عليه غيري. - ومع الآخر يمكن أن أكونَ على سجيّتي أضحكُ وأمرحُ وأتبسّطُ دون أيّ مظهرٍ من مظاهر التكلُّف التي أحرصُ عليها أمام الناس. - ومع ثالث أستمتعُ في الاستماع منه إلى مشكلاته، ورابع يسمعُ هو مني مشكلاتي. - ومع صديق خامس يمكن أن أستمعَ أكثر ممّا أتحدّث، وأعرف آراءه عن مختلف القضايا التي تهمّني، وأتعلّم منه وأساله حتى أستفيد. - ومع صديق سادس يمكن أن أكون أنا المتحدث الرئيس أقول ما يعن في خاطري من أفكار بحُريّة.. وأستمع منه عن رأيه فيما قلت دون أي تحفظ منه، أو حساسية منّي. فهو المرآة التي أرى فيها رد الفعل الحقيقي لكلامي دون رتوش أو مجاملة. وهكذا.. فأصدقائي هم أجزاء من لوحة.. عندما تكتمل ستكون أجمل صورة رسمتها في حياتي. فكل صديق من أصدقائي يُشكِّل جزءًا من هذه الصورة، أو جانبًا من الخريطة التي إذا اكتملت فستقودني في النهاية إلى موقع الكنز.. "كنز الصداقة"! فهم أصدقائي الذين يفهمونني أكثر ممّا أفهم نفسي.. وهم الأصدقاء الذين يقفون معي في الأيام الحلوة، ولا يتركوني في الأيام المُرّة. الأصدقاء الحقيقيون هم جزء من منظومة الوقاية من المرض. هم خط "المناعة" الذي يساهم في تقوية حياتنا الصحية. ويمكن أن نسمّيهم فيتامين (أ).. بمعنى "أصدقاء".. فأكسير الصداقة ضروري جدًّا للحياة الصحية السليمة. وتشير البحوث إلى أن الناس الذين يتمتعون بصداقات، وعلاقات اجتماعية قوية يكونون أقل تعرّضًا للاكتئاب والأزمات الصحية. وإذا كنت من الذين يتوفر عندهم فيتامين (أ)، فإنك يمكن أن تظهر 30 عامًا أصغر من عمرك الحقيقي؟! فحرارة الصداقة توقف ضغوط الحياة، وحتى في أكثر أوقات الحياة صعوبة، يمكنها أن تقلص خطر الأزمات القلبية بنسبة 50%! وأنا أعتبر نفسي، ولله الحمد والشكر، من المحظوظين الذين لديهم مخزون لا بأس به من فيتامين (أ)! حتى لو لم يكونوا موجودين معي في كل وقت، فهم هناك عندما أحتاجهم. لذا لابد أن نُقدِّر أصدقاءنا، ونبقى على اتّصال بهم. ويجب أن نرى الجانب المضيء من كل واحد منهم، ونمضي معًا أحلى الأوقات وأمرّها.. نلهو معًا، ونُصلّي معًا، وندعو أن يغفر الله لنا ذنوبنا، ويجمعنا في جنة الخلد في يوم الحساب. * نافذة صغيرة: (إلى كل صديق من أصدقائي الذين لهم مكان مميّز في قلبي.. شكرًا لك لأنني أعتبرك أحد أهم الفيتامينات التي لا أستغني عنها للإبقاء على صحتي طالما كتب الله لي أن أعيش يومًا جديدًا). [email protected]