قديماً قال الشاعر: الناس صنفان موتى في حياتهم وآخرون ببطن الأرض أحياء وهذا يدل على أن العمر لا يقاس بالسنين، وأن الحياة الحقيقية ليست في أن نعيش على هامش الحياة، بل لابد أن نعيش الحياة بالطول والعرض والعمق، وأن يكون لنا صداقات وأياد بيضاء في حياتنا، وربما بعد مماتنا.. والصداقة جزء مهم من الحياة التي ينبغي أن تحفل بكل ما يفيد الناس والمجتمع. وكل إنسان يحتاج إلى الأصدقاء، لأنهم مصدر أساسي للسعادة والأمل في الحياة. وعملية تكوين الصداقات عادة ما تكون سهلة عند بعض الناس، ولكنها تكون في غاية الصعوبة عند البعض الآخر.. ولكن من هم الأصدقاء ؟!.. إنهم النخبة من الناس الذين تختارهم بحرص وعناية وتفكير من أجل أن تقضي معهم الكثير من الوقت، وتحس بالراحة والطمأنينة عندما تكون في صحبتهم. والأصدقاء لهم مكانة خاصة في حياتك لأنك تشاركهم الكثير من الاهتمامات والأفكار، وهم موجودون معك في أوقات الشدة والرخاء، فهم من يدعمك في أوقات الشدة، وهم من يضفي على حياتك الفرح والسرور في أوقات الرخاء. وتكوين الصداقات مهارة من المهارات لابد من تطويرها، فالأصدقاء لا يمكن أن يصبحوا أصدقاء بين يوم وليلة، بل ربما يستغرق ذلك وقتاً طويلاً. وبقدر ما تتعلم كيف تتفاعل من الآخرين تزيد قدرتك على تكوين الصداقات !.. وينبغي أن تحرص على رعاية أصدقائك فإن الصداقة كما يقول أحد المفكرين مثل النبات ينبغي رعايتها على الدوام. ولذلك ينبغي أن تحترم حقوق أصدقائك وأن تقدر آرائهم. دع أصدقاءك يشعرون بقيمتهم ويعبرون عما يجول في خواطرهم، وتعلم دائماً أن تنصت إليهم، وأن تكوّن متعاطفاً معهم وأن تعاملهم بأسلوب مهذب ورقيق .. ومن أجل أن تكون صداقات متعددة ولكن منتقاة، فإن هذا يتطلب منك اتخاذ إجراء عملي، مثل أن تخرج وتقابل الناس في الأماكن التي تحب أن تزورها، وأن يكون لهم نفس اهتماماتك ممثلة كما يقول حكيم الصين كونفوشيوس "لا تصادق إلا من يشبهك" وكلما زاد عدد الأفراد الذين تقابلهم وتتحدث معهم زاد احتمال عثورك على الأشخاص الذي يتمتعون بالصفات التي تبحث عنها. ولعله من الطبيعي أن الصداقة تختلف عن الزمالة أو الصحبة العابرة، لأن الصداقة أكثر عمقاً واستمرارية من حيث القناعة بجدواها وأهميتها من الطرفين، ومع ذلك فإن الزمن وبعد المسافات وتغير الاهتمامات قد تذيب بعض روابط الصداقة بين الناس ... ولا يمكن أن تكون هناك صداقة دائمة لمن يجرحون شعور الآخرين أو يجعلون من أشخاصهم مركزاً وحيداً للحديث عن أنفسهم، أو أولئك النمامين الذين يتحدثون فقط عن عيوب الآخرين !! إن الصداقة كلمة ذهبية، وقد أصبحت عملة صعبة في أيامنا ..!! ومع ذلك فالصداقة الحقيقية هي كنز ينبغي أن نكتشفه دائماً في محبة الآخرين، وما أجمل قول أحد المفكرين وأظنه سي كولتون : "الصداقة الحقيقية مثل الصحة والعافية، نادراً ما تعرف قيمتها إلا بعد فقدها"....