طلال مداح.. ظاهرة غنائية فريدة قلما يجود الزمان بمثلها بدلالة صوته الفريد أو «الغريب» -كما وصفه موسيقار الأجيال الموسيقار: محمد عبدالوهاب- ولكن لطلال المطرب الرائع ذي الصوت العذب الجميل مزية أخرى تكمل الطرف الآخر لمعادلة هذا الفنان المتميّز وهي الناحية الموسيقية التي ربما غابت أو خُفيت على البعض. طلال مداح.. ظاهرة موسيقية فريدة كما هو ظاهرة غنائية فريدة ومتميّزة ويمكن الرسم لأبعاد: طلال مداح.. الظاهرة الموسيقية المتميّزة من خلال الآتي: 1- طلال المداح: الملحن البارع: أجمل أغاني طلال هي التي لحنها بنفسه لنفسه، وتتأكد ناحيته العبقرية التلحينية بتلحينه لنفسه أغنيته الأولى التي أطلقته نجمًا في سماء الفن «وردك يا زارع الورد» من ناحية أنها أغنية جميلة اللحن ليس ذلك فحسب بل ليعجب الإنسان أن يظهر فنان شاب في التاسعة عشرة من عمره أو العشرين يظهر على الدنيا بلحنه وهو يحتضن عوده في مهارة ويواجه الجمهور المسرحي لأول مرة بثقة عجيبة ويضع بلحنه ل»وردك يا زارع الورد» التحول المهم في «الأغنية السعودية»، ففضلا عن تميّز لحن «وردك يا زارع الورد» حمل هذا اللحن مزية لحنية نادرة غير مسبوقة في الأغنية السعودية وهو أن «وردك يا زارع الورد» الأغنية السعودية الأولى «المكوبلة» أوذات «الكوبليهات» المتعددة المتنوعة التي لا تشبه فيها «كوبليه» «الكوبلية» الآخر، ولم يسبق طلال مداح في هذه الناحية ملحن سعودي وربما خليجي، بل إن الفنانين الرواد الكبار الذين اختطوا هذا المجال التلحيني الذي لا يتقنه الكثير من الملحنين هم قلة يمكن حصرهم في: محمد القصبجي، وزكريا أحمد، ومحمد عبدالوهاب. لقد كان لحن أغنية «وردك يا زارع الورد» وثيقة لملحن موهوب قادم بقوة إلى عالم التلحين والموسيقى.. فنان شاب في العشرين من عمره يعلن عن نفسه ملحنًا ويضع التحول الأول والمهم في الأغنية السعودية. ويطول الحديث عن طلال مداح الملحن لغيره من خلال الألحان التي أعطاها لغيره والتي أطلق بها العديد من الفنانين، أما طلال مداح الملحن لنفسه فحدث ولا حرج.. أجمل أغانيه التي لحنها بنفسه لنفسه -كما تقدم- بل إنه إذا دخل في «تحد لحني» كان الظاهر والبارز، ولعل أغنيه «زل الطرب» التي لحنها عمر كدرس لفنان آخر وكان طلال قد لحنها لنفسه بجمالية وعذوبة لحنية وموسيقية ظاهرة مما جعل لحنه يظهر على لحن الكدرس وتوارى لحن الكدرس أمام عظمة لحن طلال. وكما أن لحنه لقصيدة (نزار قباني) «إني خيّرتك فاختاري» ظهر على لحن كاظم الساهر بوضوح. ورغم أن الموسيقار سراج عمر يعد علامة في حياة ومسيرة طلال مداح من خلال ألحانه الرائعة له، لكن لو تأملنا لحن «زمان الصمت» الذي لحنه طلال لنفسه وسط خضم ألحان سراج له: «مقادير»، و»لا تقول»، و»أنادي»، و»هلّي الجدايل»، و»أغراب».. وغيرها، لوجدنا أن لحن «زمان الصمت» لطلال يبرز ويظهر بوضوح أمام هذه الألحان بل وينافسها بقوة فضلا عن لحن طلال لنفسه أغنية «وعد» بلونها الغربي المميّز والتي تميّزت بإزاء لحني سراج عمر لطلال «لا وعد» و»الموعد الثاني». 2- معادلة الغنائي والموسيقي: وهذه ناحية مهمة تميّز بها طلال مداح، فأنت تستمع إلى جانب صوته الجميل بموسيقاه العذبة، فطلال حريص على موازنة معادلة: الغنائي والموسيقي في ألحانة لنفسه، فكما تستمتع بصوته الجميل المطرب تستمتع في الوقت نفسه بموسيقى توازي الطرب وتعادله. 3- مزايا مساعدة: يملك طلال مداح مزايا شخصية في شخصيته كملحن منها: «الإحساس العميق» باللحن والقدرة على الانتقال بين النغمات والمقامات بمهارة، ومنها مما لفت نظري أن أنامل طلال مداح طويلة وانسيابية وهذه ناحية مساعدة على العزف على الآلات المتعددة التي يجيد العزف عليها، فطول الأنامل وانسيابيتها يومئ بالفنية العميقة الكامنة في طلال مداح. 4- وضع المقاطع الموسيقية الخالصة: فضلا عن المزايا السابقة لطلال مداح الملحن والموسيقي، تصادفنا ناحية وضع القطع الموسيقية الخالصة، ولقد كان طلال مشغولا بالناحية الموسيقية منذ بداية مشواره الفني عام 1381ه، حيث وضع قطعة موسيقية وقتها بعنوان «ليالي البرازيل»، ثم ظهر شريطه الموسيقي «7 لمن» وهو عنوان فني جميل كما أن القطع الموسيقية لهذا الشريط تحمل ملامح تطور طلال الموسيقية من حيث الموسيقى المتطورة ومزج الغربي بالعربي -موسيقيًا- في تعادلية بارعة تعكس قدرات موسيقي عظيم يُدعى»طلال مداح».