"المدرسة" مؤسسة تربوية اجتماعية وإنسانية تتحمل كثيراً من المسؤوليات الكبيرة والتي تهدف إلى بناء "الإنسان" ووضعه على المسار السليم على طريق الحياة للوصول به إلى بر الأمان، ولأهمية هذه المؤسسة في حياتنا الإنسانية، فإنه من الطبيعي أن نسبح في آفاق بعيدة من الآمال والأمنيات والطموحات التي ننتظر تحققها بين جدران المدرسة، ويزداد الأمل عمقاً إذا كان لهذه المؤسسة التربوية رؤية واضحة تسعى لتحقيقها، ورسالة محددة تعمل على الوصول إليها بكل ما لديها من طاقات بشرية، وموارد مالية وسلطة إدارية، وقيادة تربوية ناضجة، وليس من الترف أو كماليات الحياة وجود خطة استراتيجية وأخرى تشغيلية لدى المدرسة ليعرف كل فرد فيها دوره ومكانه ومكانته وموقعه، ليتحملها ويتعاون مع الآخرين في تنفيذها، وتحقيق الأهداف المرسومة، والمفترض أن يكون قد شارك بفعالية في وضعها سواء أكان طالباً أم معلماً أم إدارياً! المدرسة التي أحبها هي التي تتوفر فيها بيئة تربوية تلمّ شمل أفرادها ضمن برامج متنوعة غير تقليدية، بعيدة كل البعد عن الأسلوب الروتيني الذي جرت عليه العادة في بعض مدارسنا، حيث المعلم فيها ينتظر لحظة الانصراف بلهفة لينطلق نحو بيته، وقد سبقه طلابه؛ كل منهم يتلهف الوصول إلى غرفته لينام، والمدير يهمّه ضبط الحضور والانصراف، ولا يملك من أدوات القيادة الإبداعية أي شيء، فالجميع يعيش بين جدران المدرسة وكأنه عصفور حُبس في قفص يحاول الخروج منه بأي وسيلة، وإذا ما فُتح له الباب طار بعيداً عنه. قد يكون لبعض العاملين في مجال التربية والتعليم العذر إن مسّهم طائف من شيطان التضجر والتبرم من المدرسة، والحال نفسه بالنسبة لبعض الطلاب، بسبب سوء أحوال بعض المباني، وضعف الإمكانيات، وربما يأتي هذا الشعور السلبي لأسلوب تعامل إدارة التعليم بالمنطقة، وقد يكون لبعض القيادات المدرسية دور عميق في تفشي هذه الروح السلبية بين جدران المدرسة، في الوقت الذي يمكن لهم أن يكونوا مصدراً لإشعاع الروح الإيجابية ودعم قوى التطوير المحتمل وجودها بين العاملين والطلاب معا، لأن القيادة التربوية الناجحة هي التي تدفع بالمبدع نحو مزيد من النجاح، وتعمل على استكشاف أصحاب القدرات الابتكارية، ووضع خطة شاملة للارتقاء بالمدرسة، ويكفي أن يشعروا بأهمية وعظم رسالة التعليم لإخراج الأجيال من ظلمات الجهل إلى نور العلم!! ومن سمات المدرسة التي أحبها توفير الفرص العديدة لكل منسوبيها لتطوير قدراتهم وإكسابهم مهارات جديدة، والسعي دوماً للارتقاء بهم كل في مجاله، والعمل بروح الفريق والإحساس بأن الجميع يضمهم خندق واحد تقودهم عقول متفتحة وأيدي متشابكة تتعاون فيما بينها لتحقيق الأهداف الكبيرة التي باتت هاجس الجميع، ومنطلقاً لهم، يحدوهم الأمل في توفيق الله وتسديده وعونه. [email protected]