للفن وجوه كثيرة وتخصصات متعددة تأخذك إلى عوالم من التيه بما تجود به مخيلة الفنان، وحينما يكون الفنان متعدد المواهب فإنه بالتأكيد سوف يمنحك تشكيلة واسعة من الفسيفساء الجميلة من اللون والمفردات الحرفية الشعبية وموروثها الحضاري الذي يميز الشعوب بأزيائها وأعمالها الفنية والحرفية، هذه الفسيفساء تجدها في الخط العربي وفي كتابة الشعر أيضًا عند الفنان الحرفي العراقي مهند الشاوي الذي التقينا به بالمركز التونسي لفنون الخط بمناسبة تقديمه لورشة حول «الزخرفة وفن الخط « فكان هذا الحوار. شغف بالزخرفة * لا يخفى على من يتأمل أعمالك أن يلاحظ ولعك بفن الزخرفة.. فلم ذلك ؟ - لأن الفن الزخرفي يشتغل مع كل الموروث، إذا كان الموروث الحضاري أو الشعبي، ولهذا اعتمدت عليه في الخط العربي وكذلك في الأزياء حيث وجدت أنه أكثر ملاءمة لي وقريب إلى تخصصي وقلبي، ولذا وظفت هذا الفن على الأزياء النسائية مثل الجلباب، وحجاب الرأس، والشالات والايشارب، وكثير من المفردات الشعبية الزخرفية الأصيلة.. ولا يخفى كذلك أن هناك وطيدة حقيقية بين الخط والزخرفة، علاقة تكميلية، علاقة انسجام، هناك تناغم حقيقي، ولكن عندي رؤية محددة بسيطة، من منظوري البسيط أن العمل الفني يمكن أن أنجزه بفنون زخرفة دون الخط ولكن الخط إذا عملت لوحة خطية من الجميل أن أضيف له بعض الزخرفة مع أن المتشددين بالخط قد لا يقبلون هذا الرأي، الخط يحتاج في غالبه إلى الزخرفة ولكن الفن الزخرفي قد يكون مستقلاً، الزخرفة بها موسيقى جميلة. * ما هي الخامات التي تستعملها في الزخرفة؟ - أغلب الخامات التي استعملها الورق والكرتون وبطريقة تحضير معينة قد نستعمل طريقة التنشية، نستخدم عجينة النشأ التي تمنحها عمرًا أطول وليونة لاستقبال اللون، ونشتغل أيضًا على القماش الكامباس وفضلا عن وجود الخشب أيضًا، هناك أنواع من الخشب ممكن أن تعمل عليها، وبالنسبة للأزياء التي ننفذ عليها فنون تصميم الخط العربي والزخرفة. تناغم وتكامل * هل وظفت كتاباتك الشعرية في فن الزخرفة؟ -أشعر بأن الفن الزخرفي الذي أشتغل عليه يمنحني فلسفة خاصة وهي طريقة كتاباتي، فأنا أكتب بطريقة رومانسية، حتى لو أكتب قصيدة سياسية أكتبها بطريقة رومانسية، والفن الزخرافي أعطاني سمة الهدوء، جمالية وعظمة هذا الفن وارتباطه فلسفيًا بقدرة الله سبحانه تعالى على تنوع هذا الخلق الجميل، كثرة استخدامنا للألوان التي هي منحة من الله سبحانه وتعالى وليس من صنع الإنسان، هذا منحني هذا التناغم والترابط في أن أكتب بنفس الطريقة، طريقة الموسيقى، ففي كتاباتي للشعر لا أعتمد على البحور وتفاصيلها، إنما اعتمد على فكرة ومفردة ورسم صورة بالكلمة من خلال استخدام الموسيقى. ارتباط فلسفي * ما رأيك في إدخال الخط العربي الكلاسيكي في أعمال تشكيلية؟ - الحقيقة خطوة جد ممتازة لأن الفن التشكيلي بمدارسه المتنوعة أصبح بحاجة إلى انطلاقة جديدة التي هي توظيف الكتابة العربية وحروفها والفنون الزخرفية في تجمّل اللوحة التشكيلية فلولا حاجة هذه اللوحة التشكيلية لما وضعت الكتابة والآن بالذات في كل أنحاء العالم عندما تزور المعارض بمجرد أن تلقي نظرة على لوحة من بعيد تحمل حرفا عربيا تحسّ كأنها تسحبك ، تنطلق إليها وتبدأ في دراستها فلسفيًا ونفسيًا وجماليًا لتحقيق توافق لولا الحاجة الفعلية للعمل التشكيلي لهذا الحرف لما دخل، نحن نعرف أننا الآن وصلنا إلى مدرسة جديدة والتي هي ما بعد الحداثة بالفن التشكيلي حققت الكثير ولكن يبقى جمالية الحرف العربي بإدخاله على اللوحة التشكيلية له سمة خاصة كونه يرتبط فلسفيًا بها. * واقع الخط العربي في العراق قبل وبعد الغزو كيف تراه؟ - الحقيقة العراق تعرّض لهجمة كبيرة من خلال هذا الغزو فقد الكثير من الأعمال الفنية من المتاحف، أعمال فنية كبيرة لكبار الخطاطين، ولكبار الفنانين التشكيليين، عانى العراق من هذا الانكسار لكن بعدما استقر العراق من جديد وبدأ يعيد نفسه لم يؤثر عليه هذا الانكسار لعمقه التراثي والحضاري والعلمي والأدبي والثقافي، ولذلك اتحد الفنانون واتحدوا من جديد وعادت الأنشطة لجمعية الخطاطين العراقيين، المركز الثقافي للخط العربي والزخرفة، منظمات المجتمع المدني التي تعتني بالموروث الشعبي والحضاري هذه كلها ساهمت بشد الروابط من جديد وفي كسر كل الرتابة التي كنا عانيناها في بداية الاحتلال وهذا الذي جعلنا نرجع من جديد للبناء الحقيقي الجديد والآن نحن عملنا الكثير من المعارض سواء داخلية أو على مستوى المحافظات قطرية وطنية، ونحن بصدد إقامة بإذن الله مهرجانات دولية كي تجمع فيها الخطاطين العرب والمسلمين من كل أنحاء العالم. استثمار الهوية الثقافية * كيف ترى الخط العربي والزخرفة في الوطن العربي ؟ - الآن هو في خير، في السنوات السابقة كان هناك تدهور ثقافي في موضوع تقبل هذا الفن ولكن نقولها بصراحة كان الدور كبيرا لبعض دول الخليج والمغرب العربي العراق أيضًا معهم في مسك هذا الجانب الحضاري وإعادة أمجاده كفن وثقافة خاصة بهذه البلدان، ففي الوطن العربي والإسلامي يجب أن نستثمر الهوية الثقافية بالفن العربي والزخرفة هو الآن بخير عندما أقلب صفحات الانترنت أجد 3 أو 4 مسابقات في الدول العربية أو معرضين في بلدان أخرى، أيضًا نحاول نحن كمختصين أن نوصل صوتنا الى أوروبا رغم كل الصعوبات ومع هذا نجد بعض الاهتمام من بعض الدول مثل ألمانيا التي هي دولة مهمة في حمايتها للتراث العربي لأن بها جالية عربية كبيرة، بريطانيا بها مركز عالمي إسلامي نحن بحاجة الى تفعيل هذا، بحاجة الى جهات داعمة وداعية، تدعو الفنانين لإقامة محاضرات ومجالس وورش فنية تجعلنا قادرين على إيصال صوتنا من خلال الحرف العربي الذي هو جزء كبير ومهم من ثقافتنا.