أكد مدير جامعة أم القرى الدكتور بكري بن معتوق عساس أمس أن المملكة تسعى إلى بناء ثقافية مؤسسية للعمل التطوعي، مشيرًا إلى أن التطوع فطرةٌ إنسانيةٌ وثقافةٌ مكتسبةٌ لا يمكنُ أن تخلوَ منها حضارةٌ أو مجتمعٌ. جاء ذلك لدى افتتاحه أمس ندوة العمل التطوعي وآفاق المستقبل الذي تنظمها كلية خدمة المجتمع والتعليم المستمر بالجامعة بالتعاون مع إدارة شؤون التدريب بالأمن العام ممثلة في مدينة تدريب الأمن العام بمنطقة مكةالمكرمة لمدة يومين، وذلك بقاعة الملك عبدالعزيز التاريخية بالمدينة الجامعية بالعابدية. وألقى عميد كلية خدمة المجتمع والتعليم المستمر رئيس اللجنة التنظيمية الدكتور ياسر بن سليمان شوشو كلمة رحب فيها بالحضور، مؤكدًا أن هذه الندوة جاءت تعزيزًا لمبدأ شرعي أصيل، ونشرًا لثقافة قد يُظن أنها من الثقافات الدخيلة على مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وأن السبق والريادة فيها لمجتمعاتٍ أُخر قد سبقتنا إليها غير أنَّ ذلك الظن يتلاشى تمامًا حين نتأكد من أن مفهوم العمل التطوعي ونماذجَه المشرقة في ديننا الحنيف تضرب بجذورٍ متأصلة في أعمق صفحات التاريخ. وقال إن مفهوم العمل التطوعي انحصر ومنذ فترةٍ ليست ببعيدة فقط في أعمال المنظمات والجمعيات التطوعية ثم تطور تلقائيًّا ليقدِّم خدماته لما يُعرف بالمجموعات الخاصة وتوسع هذا المفهوم اليوم توسعًا واضحًا ليشتمل على أبعادٍ سياسية واقتصادية واجتماعية وما إلى ذلك حتى غدا ركيزةً أساسية تضاف إلى ركيزتيْ القطاعين العام والخاص في التكوين المجتمعي. وقال: إنَّ من الحقائق الثابتة أن المجتمع بكافة جوانبه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، وقيمه الأخلاقية والروحية كلٌّ لا يتجزأ، ولهذا اتّسعت مجالات العمل التطوعي وضروبه لتشمل كافة أطياف المجتمع الواحد، ولتكفل حقوق أفراده وضروراتهم التي كفلها لهم الشارع الحكيم. وأوضح أن الأعمال التطوعية في مجتمعاتنا اليوم لم تعُدْ ترَفًا أو خيارًا ثانيًا أو ثالثًا وإنما أصحبت ثقافةً وقيمةً ينبغي أن نعلِّمها النشءَ منذ نعومة أظفارهم، بل يجب أن نترجمها أنماطًا حياتيةً تنظيرًا وتطبيقًا عمليًّا لأشكالها وصورها المختلفة. وألقى مساعد مدير الأمن العام لشؤون التدريب اللواء سعد الخليوي كلمة أكد خلالها أن التعاون في نشر الثقافة المجتمعية كما في هذه الندوة سوف يكلل بالنجاح بين طرفين يتطلع كل منهما إلى تأصيل مفاهيم التعاون والتكافل والعمل التطوعي وهما الأمن العام ممثلا بمدينة تدريب الأمن العام في مكةالمكرمة وجامعة أم القرى. وقال: إن موضوع الندوة كما يعلم الجميع هو عمل اختياري ومجهود يقوم به الفرد أو الجماعة تجاه مجتمعه وخدمة مواطنيه، ولا ينتظر مقابل ذلك أجرًا وهو ممّا حث عليه رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه. فالعمل التطوعي يُعدُّ بابًا واسعًا من أبوا ب الخير، وهو مطلب حضاري، وواجب إسلامي يحثنا عليه ديننا العظيم، وذلك من خلال الإسهام بما نملك من إمكانات مادية أو قدرات بدنية، أو بهما جميعًا لتحقيق أهداف خير تسعى لتقديم أشرف وأنبل الخدمات لمجتمعاتنا الإسلامية. وألقى مدير جامعة أم القرى الدكتور بكري بن معتوق عساس كلمة أكد فيها أن التطوعَ فطرةٌ إنسانيةٌ وثقافةٌ مكتسبةٌ، لا يمكنُ أن تخلوَ منها حضارةٌ أو مجتمعٌ من المجتمعاتِ، وتَدْفعُ بالإنسان إلى التعاونِ مع الآخرينَ ليشعرَ بالسكينةِ والإشباعِ الذاتيِّ ، ويحققَ أمانةَ الاستخلافِ في هذه الأرض، مشيرًا إلى أنه في ديننِا الإسلاميِّ تستندُ هذه الثقافةُ إلى رؤيةٍ كلّيةٍ واضحةٍ تَرى أن الحياة َلا تقومُ إلاّ بالإرادةِ الحرةِ والتفاني في عملِ الخيرِ، ومصادقةِ أشياءِ العالمِ وكائناتهِ، حتى دخلتِ النارَ امرأةٌ في هرةٍ حَبَسَتْها لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكلُ من خَشَاشِ الأرضِ، ودخلتِ الجنةَ امرأةٌ من بني إسرائيلَ سَقتْ كلبًا يلهثُ من شدةِ العطش.وأفاد عساس أنه ترسيخًا لهذه الثقافة أصْدَرَتِ الأممُالمتحدةُ تقريرَها الأولَ عن حالةِ التطوعِ حولَ العالم 2011 م .الذي كشفتْ فيه عن أهميةِ العملِ التطوعيِّ في نموِ البشريةِ واستقرارِها وأشادت بما تتضمنهُ الثقافةُ الإسلاميةُ من قيمٍ إيمانيةٍ تحُفّزُ الناسَ لأعمالِ الخير لافتًا النظر إلى أن ثقافةُ العملِ التطوعيِ ثقافةٌ راسخةٌ في بلادنِا -حفظها اللهُ- حتى إنه يُمكنُ عَدُّها واحدةً من المكوِّناتِ الكُبْرى لبِنْيةِ المجتمعِ السعوديِ. وأشار إلى أن الجمعياتِ والمؤسساتِ الخيرية قامتْ بعملٍ رائدٍ في الدعوةِ إلى اللهِ، وخدماتِ الحجِّ والعمرةِ والإغاثةِ وخدمةِ البيئةِ والتعليمِ والتأهيلِ والإسكانِ الخيريِّ والرعايةِ الصحيةِ ومساعدةِ السجناءِ وإيجاد ِمراكزِ الأحياء. وقد بلغتِ الجمعياتُ التعاونيةُ مئةً وواحدة وستين جمعية، في حين بلغت الجمعياتُ الخيريةُ خمسمائةً وواحدة وتسعين جمعيةً خيريةً. وأوضح مدير الجامعة أن حكومتُنا الرشيدةُ تسعى إلى بناءِ ثقافةٍ مؤسسيةٍ للعمل التطوعي من خلالِ وضعِ العملِ التطوعي كأحدِ المحاورِ والأسسِ الإستراتيجية لخُططِ التنميةِ الخمسيةِ التي تسعى المملكةُ إلى تنفيذهاِ وإيجادِ بيئةٍ علميةِ حاضنةٍ من خلال مركزٍ متخصصٍ هو المركزُ الوطنيُ للدراسات والتطويرِ الاجتماعي وتجاوزَ عطاءُ المملكةِ حدودَ الوطنِ إلى الخارجِ فأصبحتِ المملكةُ تتصدرُ دولَ العالم في الإغاثةِ الإنسانية. وكرم مدير الجامعة رواد العمل التطوعي في هذه البلاد المباركة وهم الشيخ صالح كامل والشيخ سليمان الراجحي، ومها الفتيحي، والدكتورة لما السليمان، وفوزية الجفالي. كما كرم الداعمين ورعاة الندوة وهم مؤسسة سليمان بن عبدالعزيز الراجحي الخيرية، ومجموعة دلة البركة، ومجموعة بن لادن، وشركة الرضوان للمقاولات، علاوة على قناة اقرأ الفضائية، وصحيفة المدينةالمنورة، ومستشفى محمد صالح باشراحيل، وكذلك الشركة المنفذة للندوة مكتب الدكتور إيهاب حسن أبو ركبة. وكرم عميد كلية خدمة المجتمع والتعليم المستمر الدكتور ياسر شوشو مساعد مدير الأمن العام لشؤون التدريب اللواء سعد الخليوي.