البتول: قد تتساءلين لماذا لم أستفتح رسالتي (بعزيزتي) كالعادة وسأخبرك بأننا في سوريا لم نعد نفعل ذلك لأنه في كل يوم أصبحنا نفقد لنا (عزيزًا) فاعتقدنا -ربما واهمين وربما على حق- أن كلمة عزيز نذير» شؤم وفقد» لنا ولمن نحبهم ! ****** الرصاص يملأ الأمكنة.. أكثر من البشر في البداية كنت أرتجف رعبًا عند زئير البنادق أما الآن لم أعد أخشى صوتها فقد قرأت في أحد الكتب أن الإنسان لا يسمع صوت الرصاصة التي تقتله ومن يومها ألفت صوتها كما نألف صوت فيروز في الصباح حتى أصبحتُ أستهجن الهدوء تمامًا مثل ركاب القطارات الدائمين ينامون أثناء ضجيج سير العجلات ويستيقظون في المحطات !! ****** هذا العام لم يأتنا العيد بعد رمضان، يبدو أنه مثل الصغار يخاف من قذائف الدبابات ولم يكن مكان لشوال في تقويمنا السوري، وخزانة أولادي لم تكن متخمة بثياب العيد لأنه لم يعد هناك خزانة.. ولا بيت. ننام ولا نعرف إن كُنَّا سنصحو وعندما نصحو لا نعرف إن كُنَّا سننام مرة ثانية. ****** هل تذكرين جدي.. الذي كنت أُحدثِّك عن حكاياته الجميلة.. لقد قُتل.. هو ليس من أنصار النظام ولا المعارضة، كل ما في الحكاية أنه كان يبحث لأبنائي عن جرعة دواء عندما صادفته رصاصة طائشة. نعم صادفته.. كان لقاءً غريبًا بين الرصاصة وبين رأسه... كلاهما كان هاربًا من بندقية!! ****** لم يزرْنا هذا العام سائحون، كما لم يفعلوا ذلك في العام الذي سبقه.. وأنا أُحذِّرهم من أن يأتوا.. فالكل تغيّر حتى الشوارع والوجوه قولي لهم اتركوا تلك الصورة الجميلة عن بلدي في مخيلتكم وإيّاكم أن تعودوا حتى لا تحرقوا الذكريات!! ****** ختامًا وقبل أن أختم رسالتي سأُخبرك بأنِّي لن أرسل لك رسائل أخرى ولن أكاتب أحدًا أيضًا، ولن أُتابع نشرات الأخبار ولا خُطَب السياسيين.. أنا فقط سأبكي وأبكي.. وأبكي كما يليق برثاء بلد كان اسمه... سوريا ..وبلاد الشام ! ****** ختامًا أكتب هذا فيما أتمنى لو أني أضع «دمعة» بدلا من النقطة في نهاية السطر ! خارج السرب الحب لا يفنى.. ولكن له تحولات أخرى.. فاحذروها.. [email protected]