يحتفلُ وطننا هذه الأيام بمهرجان سوق عكاظ التاريخي والثقافي في نسخته السادسة، الذي افتتح برنامجه بلقاء مفتوح بين سمو أمير منطقة مكةالمكرمة، وعدد من أصحاب السمو والمعالي الوزراء، مع جموع متنوعة من الشباب، تحت عنوان: ماذا يريد الشباب منا؟ وماذا نريد منهم؟ وأزعم أني أعرف جواب السؤال الثاني باعتباري أبًا، ووالدًا تربويًّا لكثير من الشباب، ولنفس السبب أكاد أعرف شيئًا ممّا يريده الشباب منّا؛ لكن ليس المهم أنا وأمثالي، إنّما المهم أن تصل أفكار شبابنا لمَن يقدر على تلبية كثير منها، ويملك إرادة التعامل مع الواقع والتخطيط للمستقبل، فيكون على بينة بطبيعة حالة الرسم البياني المعاش ليبني رسمه الصحيح بعدئذٍ. من هذا المنطلق استبشرت بمهرجان سوق عكاظ لهذه السنة، واعتبرت أنها خطوة البداية لكي نتماس كمثقفين مع شيء من قيمة عكاظ التاريخي والثقافي، فسوق عكاظ لم يكن حصرًا على الشعراء وحسب، بل كان في جزء كبير منه مكانًا للقاء، وتبادل المنافع، وموقعًا للحوار وتبادل الخبرات بين مختلف الأفكار والثقافات والأجيال. ذلك كان عكاظ التاريخ، وهو ما نتمنى أن يكون اليوم والمستقبل، حيث يجتمع بين أروقته وفي ردهاته نخبة من الأجيال العربية الماجدة، ليتسنى تحقيق عملية التلاقح الثقافي المنشود، فيقتبس الشباب من سابقيهم بعضًا من زبدة خبراتهم وتجاربهم، وشيئًا من رحيق أفكارهم، وما استقروا عليه من بعد مشوار حياتي طويل، حافل بالمتغيرات صعودًا وهبوطًا. كان ذلك ما رأيته في خاطري وأنا أجول بذهني وبصيرتي في صفحات ديوان الشاعر المبدع والسياسي الماهر السيد قاسم الوزير، الذي عكس بقصائده بعضًا من معترك الحياة العربية خلال العقود الماضية، وكم تمنيت أن يكون وأمثاله ضيوف سوق عكاظ، تحقيقًا للفائدة، وربطًا لسلسلة نماء الأفكار وتطورها ضمن محيطنا العربي، فيستفيد شبابنا من تجاربهم، ويستكشفون بعض حكاياتهم، وما أجمل مقدمة حكاية صاحبنا الغامضة التي ضمنها في ديوانه حين قال: وحملت أيامي الشقية وانتبذت بها مكانا لا الظن يعرف من مسالكه طريقا منذ كانا مازال سرًّا في الحياة فلم يزل أبدًا مصانا الريح ضيّعت الخطى لما أرادته عيانا حتى الزمان أضاعه فغدا وقد جهل الزمانا واريت أحزاني هناك ودفنت أشجاني هناك ورجعت مغتسلا بأفراح الليالي الكاذبة ثملاُ أدندن في الكهوف مع الرفاق لحن النفاق فتصفق الأيدي التي اهترأت.. وما زالت تصفق للفضائح كل ليلة وعلى العيون الذابلات، المترعات من الظلام، المرهقات من الرذيلة... تغفو على وجل حكاية.. [email protected]