أكد أمين عام سوق عكاظ الدكتور جريدي المنصوري أن فعاليات السوق تختلف هذا العام عن الأعوام السابقة، لافتًا إلى أنه تم اختيار الضيوف وفق معايير معينة، سواء على صعيد البلدان أو على مستوى تشكيل التوجهات الفكرية. وتطرق الدكتور المنصوري في حوار مع “المدينة” إلى العديد من فعاليات السوق والجهود المبذولة لإظهاره في أحسن مستوى من حيث الفعاليات كافة. * كيف تقرأ لنا سوق عكاظ هذا العام. وهل ثمة تغيير أو جديد في برنامجه الثقافي ما يميزه عن الأعوام السابقة؟ ** القراءات تختلف.. وأنا أقول أننا نتطور في ما نقدمه هذا العام، لأنه من وجهة نظرنا يراعي أشياء لم تتحقق في عكاظ السابق ولا الذي قبله وتحققت هذا العام، ومنها في الفعاليات الثقافية وتلك التجارب الجديدة، وأيضًا اختيار الضيوف تم وفق معايير معينة سواء على صعيد البلدان أو على مستوى تشكيل التوجهات الفكرية والثقافية التي ترضي مختلف المشارف والأبواب. * عكاظ له بعده الاقتصادي الذي يراه البعض هو المؤشر للسوق، هل راعيتم هذا من خلال الفعاليات والبرامج؟ ** على مستوى الفعاليات هناك ندوة اقتصادية وتاريخية، وفي جادة عكاظ هناك محلات للبيع والشراء، وهذا دور اقتصادي وإن كان رمزيا، وهناك بعض المشروعات الصغيرة والحِرف اليدوية والشراء في بعض المحلات، وهذا بُعد اقتصادي رمزي، ولا ننسى أن مسابقة الحِرف هي عبارة عن منشط يُقدم من خلالها أعمال تفوز وتحصل على جائزة. * تجارب الكتّاب.. جديد عكاظ هذا العام، حدثنا عن هذه الخطوة، وهل هناك آلية معينة في اختيار الكاتب؟ ** هو أحد المحاور الجديدة في سوق عكاظ هذا العام، ويستدعى الكاتب وقد يكون قاصا أو روائيا أو مؤرخا له دور في الحراك الثقافي، يقدم تجربته من خلال خيمة الكتّاب، حيث يتخذ له مكانًا وتأتي دُور النشر بإنتاجه فيجلس ويتحولق حوله من أراد إنتاجه أو بحث عنه، ويكون له معرض لكتبه ليستقبل الزوار، فيوقع لهذا ويحاور هذا ويسمع من هذا ويرد على هذا، والآلية التي اعتمدنا عليها في ترشيح الكتّاب هو اننا قدمنا مقترح تجربة الكتّاب من خلال وسائل الإعلام، وطلبنا من رؤساء الأندية الأدبية وأساتذة الجامعات ترشيح ستة أشخاص من داخل الوطن ومثلهم من خارجه، والأسماء التي رأيناها تتكرر وعليها إلحاح تم دعوتها، وسوف نأخذ باقتراحات الحضور هذا العام وبالتالي ستضيف لنا رافدًا من روافد تطوير تجربة الكتّاب العام المقبل، وما طلبه منا المثقفون من الكتّاب دعوناهم، ولدينا أسماء كثيرة وربما العام المقبل ستكون هناك مساحة أكبر، والأمير خالد الفيصل هو من يقر ويعتمد تلك المحاور وبالتالي نحن نقوم بدعوة ما يتم الاتفاق عليه. * توقيت البرنامج هل تراه مناسبًا، خاصةً أن تجربة الكتّاب ستكون في الصباح؟ ** ليس هناك صعوبة في أن تكون فترة الصباح لمنشط ثقافي، الصعوبة تكمن في أن نكدّس البرنامج في وقت واحد قد يكون مملا وطويلا على المتلقي، وتجربة الكتّاب ستقام في الفندق وليس في سوق عكاظ، وقد أُعد مكان خاص بها، فليس هناك تعارض، فضغط الفعاليات قد يؤثّر على المتلقي، فكثرتها وإقامتها في وقت واحد قد ينسي البعض ويشغلهم ولهذا رأينا جميعًا أن يُستفاد من الفترة الصباحية، فالمثقفون موجودون، والضيوف في الفندق الذي تقام فيه فعالية تجربة الكتّاب، وكل كاتب يقدم تجربته في زمن وقدره ساعة إلا ربع، فهذا التوقيت لا نراه مزعجًا. * مشاركة المرأة في سوق عكاظ.. كيف تراها؟ ** المرأة ضمن النسيج الثقافي، فهي الشاعرة والناقدة والقاصة، تشارك في حدود المساحة المتوفرة دون الاتكاء على اشياء فردية، وبدون أن نغمسها في العمل الإداري، ولهذا فالعمل هذا العام مؤسساتي، حيث أُلغيت بعض اللجان ومنها اللجنة النسائية لنعطي المرأة مساحة أكبر في التلاقح الفكري والتعاطي مع الثقافة، بعيدًا عن العمل الذي يأخذها عن أن تشارك بفكرها ورأيها في الفعاليات. * العمل المؤسساتي.. ألم يتيح أيضًا للرجل المثقف أن يشارك أكثر؟ ** نحن نرى هذا العام أن العمل المؤسساتي هو من صنع عكاظ، بينما تركنا المثقف والمثقفة يتفرغون في المحاورة وإعطاء مساحة لهم في المشاركة دون أن تستهلكهم أعمال الإدارة ويستهلكون ثقافتهم وهو شأنهم، بينما غيرهم يوفر لهم مساحة لكي يقدموا ويبدعوا ويسمعوا ويحاوروا. * شروط مسابقة عكاظ هناك من يرى أنها تتغيّر كل عام عما هي عليه في العام الذي قبله، ما رأيك؟ ** الفكرة الموجودة لدى القائمين على الجائزة أن يختاروا الشاعر بناء على إنتاجه وليس أسهل من هذا ونصمت كل الأفواه، ولكن هناك زاوية نظر معينة أريد لها أن تكون في عكاظ ولها معنى وهي أن نعرف أن سوق عكاظ للمعلقات وللقصيدة الواحدة التي تلقى وتنقى وتعلق ويختارها الشاعر بعناية ليشارك بها في هذه المناسبة، بينما جائزة عكاظ لا تعطي اهتمامًا بهذه الزاوية بل تترك للشاعر أن يقدم إحدى قصائده سواء جديدة أو قديمة وما يمثل تجربته، فتقييم القصيدة نص منفصل وإنتاج الشاعر الكلي منفصل، ومن ثم يقيم من خلال القصيدة كمرحلة أولى وبعدها إنتاجه، إذا تمر مرحلة شاعر عكاظ بتقييم القصيدة منفصلة والمرحلة الثانية إنتاج الشاعر ومن ثم اللجنة يكون لها رؤية، فشاعر عكاظ لا بد أن يكون له وزنه وتقديره كشاعر اسم وحضور معين وثقل، وأن تحمل القصيدة وزنا من التقدير ولكن ليست كل شيء، وليس هي مطلوبة في موضوع معين أو مواصفات معينة بل اختيار الشاعر وحده، واللجان لها رؤية واعتداد بزوايا معينة، فالقصيدة ليست مفصولة عن إنتاج الشاعر. * شاعر عكاظ فاز بقصيدة تمثّل تجربة القصيدة الحديثة، حدثنا عن القصيدة والشاعر؟ ** شاعر عكاظ إحدى الشخصيات الهامة في مسيرة الشعر الجديد، وأعتقد هذا المؤشر في اختيار من يتبنى القصيدة الجديدة وهو اختيار القصيدة الجديدة الحديثة، قصيدة التفعيلة دليل على تطوير آليات التحكيم والتوسع في هامش ومساحة دلالة الشعر، خاصةً من بيئة عكاظ والتي ربما يتبادر للأذهان انها تحافظ على التقليدية والعمودية فقط، بينما هي مساحة كبرى لتتناول ما يستجد. * هناك جوائز عكاظ في الشعر والتصوير والخط، بينما يشارك في فعاليات عكاظ الثقافية القاص والروائي، ألا يجعلكم في القادم تستحدثون جائزة للقصة القصيرة أو الرواية؟ ** من المتوقع أن تكون هناك إضافة جوائز جديدة لسوق عكاظ ربما تشمل ما قلت، فنحن من قبل أضفنا جائزة التصوير الضوئي والخط العربي، وعمومًا فإن جوائز عكاظ تنمو من عام لآخر، وربما تكون هناك جوائز جديدة في الوقت القريب حسب رؤيتي للأحداث. * حدثنا عن مسرحية “طرفة بن العبد” والجديد فيها؟ ** المسرحية هي لنص قديم وتمت إعادة إنتاج القصة من قبل الكاتب رجاء العتيبي الذي حاول ان يقدم بعض المواقف والأحداث في قصة “طرفة” ليعيد إنتاجها بما يتناسب مع ظروف هذا الزمان، من حيث الدلالة الرمزية ولمضامين الإنسانية مع الإبقاء في الفضاء الأساسي للمواقف والشخصيات، فالفكرة إنسانية وهي تجربة ثرية التعامل معها بشكل مغاير عن تلك، وقد قدم الكاتب مسيرة وتجربة جميلة يجب ان تؤخد في صورة تصحيحية لبعض المواقف القديمة، مع الحفاظ على الشخصية وما يُقدم من رسم، ليستشفه الواقع اليوم، ويحاول عدم الوقوف في مواقف معينة يحكي عنها النص في القديم. * في رأيك.. هل وصل سوق عكاظ للمثقف العالمي؟ ** أعتقد أن المشاركات التي وصلتنا مثل الخط العربي من نيجيريا وتركيا وباكستان والفائز البريطاني في مشاركة الخط، دلالة على تجاوب المثقف خارج الوطن العربي، واعتقد ضيوف عكاظ تجاوزوا حدود الوطن العربي، فهناك مشارك يعمل في جامعة السربون، وكمثال نجد زينب الأعوج وهي مثقفة جزائرية تحمل الجنسية الفرنسية. * هل هناك مطبوعات جديدة هذا العام، وهل هناك دراسة لعمل موسوعة عكاظ الثقافية؟ ** هناك جملة من المطبوعات منها كتاب الفائزين وهو كتيب يشمل سير الفائزين والجوائز التي حصلوا عليها وتعريف بالأعمال وهو جانب توثيقي، وهناك كتاب سوق عكاظ عنقاء الجزيرة العربية وهو تاريخي أدبي يرصد مسيرة سوق عكاظ قديمًا وإلى العهد الحالي، وحاولت الجهة الصادرة له توثيق مراحل سوق عكاظ، وهناك تفكير جاد لاستثمار المشاركات لعمل موسوعة تجمع جميع المشاركات في جوائز عكاظ وقد عملنا كمثال كتاب “لوحة وقصيدة” الذي جمع جميع القصائد واللوحات التي تناولها المشاركون في المسابقة. * كيف ترى سوق عكاظ وتأثيره على مدينة الطائف؟ ** عكاظ اعتبره مع الجامعة من الروافد التي ستحدث ثورة معرفية وثقافية لمجتمع الطائف، وتحدث مؤشرا جماليا يوجه نظرته للكثير من القيم الجمالية والمعرفية ويستهلك وقته فيما يفيد، وما يقدمه عكاظ من فن سيثري، والجانب الفني يهذب السلوك، وكذلك توفير فرص وظيفية في قادم الأيام عندما تكون عكاظ مدينة ثقافية اقتصادية.