لقد عاصرتُ في حياتي التجارية نخبة ممتازة من تجار ورجال أعمال، شيوخًا منهم وشبابًا. أتأمل اليوم حولي؛ فأجدني أرى أن معظمهم قد لاقى رحمة الله عز وجل، تاركين لشباب اليوم أنصع الأمثلة التجارية، والقيم الإسلامية. لذا فأقل ما يجب تجاههم هو ذكر فضلهم وجودهم على المجتمع التجاري الذي نعيشه اليوم. لقد لمست فيهم شخصيات كريمة، يغمرها الاعتزاز بالنفس؛ لما جبلت عليه من الكرم، وحسن النية، والصدق في القول والعمل، مع الثقة التامة، رائدهم التكاتف مع أبناء المهنة لا التنافس، وذلك باليقين بفضائل الاعتماد على الله عز وجل. ومنهم المرحوم (جمال محمد حسن فارسي) الذي وافته المنية يوم الجمعة 13/10/1433ه. رحم الله أبا زياد الذي تعلمت من الكثير من حسن المعاملة وصدق التعامل. وأنا شخصيًّا لي قصة حدثت معه، وأثرت في نفسي كثيرًا. ذلك عندما استقللت بالعمل كنت مبتدئًا صغيرًا، وكان ينقصني بعض من المجوهرات، وأهم من ذلك الدعم. وعندما قابلت الشيخ محمد علي فارسي، وأخاه جمال فارسي في دكانهم في مكةالمكرمة الواقع في المروة (قبل افتتاح فرعهم في جدة) طلبت من الشيخ محمد علي شيخ جواهرجية مكة والشيخ جمال فارسي تزويدي بالمجوهرات لأبدأ نشاطي المستقل كجواهرجي في جدة، فبلا تردد أمروا المسؤولين في دكانهم بتقديم أي نوع من أنواع الدعم من مجوهرات وخلافه ثقة منهم بي، ودعمًا لي للانطلاق في الحياة التجارية، وقد أثَّر ذلك في نفسيتي بصورة إيجابية أكثر بكثير من توفير رأس المال المادي نفسه. واليوم عند وداعه أتذكر تلك البدايات والروح الإسلامية التي كانت بين التجار. وأسأل الله أن يكون دعمهم في محله، حيث منِّي لهما دومًا الذكر الحسن، والترحم منِّي لأخي جمال فارسي، فرحم الله أبا زياد، وأسكنه فسيح جناته. (*) شيخ صاغة جدة