لم يعد من الصعب تشخيص الأوطان والحكام في العالم حسب تعاملاتها ومواقفها، بعد أن تحوّل العالم من قرية كونية واحدة، إلى جهاز إليكتروني يسهل حتى على الأطفال تشغيله، لذا فإن ما كان في السابق متاحًا لبعض الأنظمة الاستبدادية إخفاؤه عن أعين العالم ومنظماته الحقوقية والإنسانية من تجاوزات وانتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك المذابح والتعذيب والاعتقال والمقابر الجماعية، وغيرها من الجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية، لم يعد ممكنًا الآن إخفاءه ، ولم يعد ممكنًا أيضًا محاولات تشويه صورة أي دولة من خلال أساليب الدعاية البالية التي أصبح الآن من السهل فضحها. هذا التقدم العلمي الكبير أتاح أيضًا انفتاحًا غير مسبوق بين دول العالم وشعوبها بعضها البعض، ولم تعد تجدي الأسوار العازلة والستائر الحديدية في حجب الحقيقة، ولم تعد تجدي أيضًا حملات التشويش من قبل البعض على تلك الحقائق بعد أن أمكن لأي شخص رؤيتها بأم عينه على أرض الواقع من خلال الصورة الآنية للحدث. وهو ما مكّن العالم من رؤية بلادنا على حقيقتها، كواحة للأمن والاستقرار، وكقيادة ملهمة تسعى لخير شعبها وأمتها والإنسانية جمعاء، انطلاقًا من تمسكها بعقيدتها ومبادىء الإسلام الخالدة، ورسالته السامية في التسامح والمحبة والوسطية والاعتدال، من خلال دعوتها للحوار وسعيها الدؤوب للخير ومبادراتها العديدة لتحقيق السلام ، إلى جانب مسارعتها إلى تقديم أوجه الدعم والمساعدة للدول الشقيقة والصديقة في أوقات الكوارث والمحن، وهو ما أمكن لمسه من قبل المجتمع الدولي كله من خلال الموقف المشرف والمسؤول من قبل المملكة ملكًا وحكومةً وشعبًا إزاء الشعب السوري الشقيق، ومحنته التي ألمت به من قبل نظام بشار الأسد بما دفع الآلاف من أبنائه إلى النزوح خارج الوطن الجريح تحت وطأة المذابح البشعة لهذا النظام الجائر، والتي أدت إلى سقوط أكثر من 25 ألف قتيل حتى الآن. هذا الموقف الذي عبر عن نفسه مؤخرًا من خلال حملة التبرعات التي أمر بها خادم الحرمين الشريف -حفظه الله- ثم صدور أمره الكريم بقبول الطلاب السوريين في مدارس المملكة يقدم شهادة جديدة وصورة مشرفة لمواقف المملكة، ورسالة واضحة لعطاء هذا الوطن وإنسانية قيادته.